فيروس كورونا .. بين ضرورات الصحة و متطلبات الاقتصاد
التونسيون- وكالات
تمكنت الصين على ما يبدو، من تحقيق بعض النجاح في مواجهة الوباء، البلاد تواجه، دوما، إصابات جديدة بفيروس الكورونا، ولكن منحنى انتشاره تباطأ كثيرا، وفق السلطات الصينية، التي طبقت استراتيجية صارمة عندما وضعت الملايين في الحجر الصحي لمدة تقارب الشهرين، وهي، عمليا، الاستراتيجية التي تطبقها إيطاليا حاليا، بإغلاق كل شيء، ودعوة مواطنيها لحجر صحي طوعي، تحت شعار “ابق في بيتك“.
على العكس من ذلك، يرى الفرنسيون أنه ينبغي التقدم خطوة بخطوة مع تقدم الوباء والتوافق مع مدى وسرعة انتشاره، بحيث يمكن الحفاظ على النشاط الاقتصادي بصورة شبه عادية حتى أبعد مدى ممكن، وفي الولايات المتحدة اكتفى دونالد ترامب بتجاهل الأزمة، وعندما ازدادت ضغوط الرأي العام عليه، في سنة انتخابية، قرر منع الأوربيين من دخول الولايات المتحدة في خطوة لن تقدم أو تأخر إمكانية انتشار الوباء في بلاده.
في فرنسا، الهدف الواضح والمعلن هو حماية الاقتصاد والشركات المختلفة، من أزمة خطيرة، وما زالت الحكومة ترفض اتخاذ خطوات كبيرة لكيلا تعطل عجلة الاقتصاد، بينما وصلت الصين وإيطاليا إلى مرحلة لم يعد من الممكن معها الاكتفاء بسياسات من هذا النوع، ومما لا شك فيه أن المنهج الصيني والإيطالي هو الأكثر كلفة، ولكنه كان الخيار الوحيد بالنسبة لهذين البلدين، بينما أعين واهتمام الحكومات في فرنسا وبقية أوروبا ما زالت مسلطة على البورصة ونسب التنمية قبل الاعتبارات الأخرى.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، يتعلق بإمكانية إنقاذ الشركات الكبرى والاقتصاد العالمي، بينما الصين، والتي هي مصنع الإمدادات الرئيسي، إن لم نقل الوحيد، في زمن العولمة، بينما الصين مشلولة وعاجزة عن الإنتاج ؟ وربما نجد عناصر للإجابة في انهيار البورصات الذي أصبح يقارب ما حدث في الأزمة الكبرى عام ٢٠٠٨، واشتعال حرب النفط بين السعودية وروسيا مؤخرا.
سؤال آخر، يتعلق بالبنى الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي، والذي اختفت منه كلمة اتحاد فيما يتعلق بحماية الصحة العامة، ولم يتورع المسؤولون في مختلف البلدان الأوروبية عن القول إن كلا يتحمل مسؤولية بلده، وربما كان الأمر منتظرا من بنية قامت على المصلحة الاقتصادية فقط ودون أي أبعاد سياسية أو اجتماعية ودون أي سياسات مشتركة بعيدا عن المجال الاقتصادي.
يبقى سؤال أخير يتعلق بما وصفه أحد خبراء الأوبئة بالثقوب السوداء بشأن المعلومات حول انتشار الفيروس، مشيرا إلى عدد ليس بالقليل من ديكتاتوريات العالم الثالث، التي لا نعرف شيئا عن مدى انتشار الوباء فيها، ربما لأن حكومات تلك البلدان لا تعرف وربما لأنها لا تريد التصريح بعدد المصابين لديها، ولكن هذا يرشحها لأن تشكل نقاط انطلاق جديدة للفيروس بعد انحساره.
Comments