في الذكرى ال 63 لتأسيسه: الجيش يحرس الانتقال الديمقراطي في تونس
تونس- التونسيون
في الذكرى 63 لتأسيس الجيش الوطني التونسي (24 جوان 1956 – 24 جوان 2019)، نعيد نشر مقال مهم للكاتب و الدكتور المختص في العلوم السياسية الأمريكي شاران غريوال نشر على موقع صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية(الاربعاء 22 ماي 2019) تحت Why the Tunisian military ignored orders and sided with protesters
“لماذا تجاهل الجيش التونسي الأوامر ووقف مع المحتجين”؟
واعتبر غريوال أن سؤال لماذا تقوم بعض الجيوش بقمع المتظاهرين بينما يقف بعضهم مع المتظاهرين ؟ يبقى سؤالا متجددا ففي الأسابيع الأخيرة تخلى الجيش في الجزائر عن رأس النظام و كذلك في السودان و انحاز إلى مطالب المتظاهرين .
و اضاف بأن الدرس يمكن تعلمه من تونس ففي عام 2011 أطاحت الإحتجاجات الشعبية بالرئيس زين العابدين بن علي حيث تشير بعض الروايات المقربة منه بأنه لم يطلب من الجيش إطلاق النار لإعتقاده بأن المؤسسة العسكرية كانت سترفض ذلك إذا طلب منها ،كما دعا الرئيس الباجي قايد السبسي في ماي 2017 من الجيش الدفاع عن مواقع إنتاج النفط في تطاوين و بعد ايام قليلة سمح الجيش للمحتجين بإقتحام المضخة و إغلاقها في الكامور ،ليتساءل غريول.لماذا يقف الجيش التونسي بشكل روتيني مع المحتجين ؟
و اعتبر الكاتب و انه في دراسة حديثة شملت 72 من كبار الضباط العسكريين المتقاعدين و سؤالهم عن طريقة التعامل في حالة أمروا بإطلاق النار على المتظاهرين ظهر عاملان مهمان هما .
هوية الضباط حيث يتم تجنيد غالبية العساكر و خاصة في الرتب الدنيا من المناطق الداخلية في البلاد و هي مناطق مهمشة منذ عقود مقارنة بمنطقة الساحل ،و من المنطقي ان تندلع الإحتجاجات في تلك المناطق ،كما حدث في سيدي بوزيد في 2011 و تطاوين سنة 2017 و بالتالي فإن الجيش سيميل إلى التعاطف مع المحتجين ،ففي الإستطلاع تبين أن الضباط من مناطق الداخلية أكثر مرونة في التعامل مع الإحتجاجات مقارنة بضباط منطقة الساحل .
و بشكل عام فإن هذه النتائج تشير إلى أهمية عامل تكوين الجيش بالنسبة للمتظاهرين ،فمن غير المحتمل أن يقمع العسكريون أفراد مجموعتهم سواء كانت مجموعة عرقية أو أقاليمية أو إيديولوجية و العكس صحيح .
أما العامل الثاني فهو المصالح العسكرية للجيش حيث تم تهميش المؤسسة العسكرية التونسية تاريخيا مقارنة بالمؤسسة الأمنية الراجعة بالنظر لوزارة الداخلية حيث كان الجيش يعاني من إنخفاض الأجور و قلة الإمتيازات و التجهيزات و إنحسار نفوذه السياسي و بالرغم من تحسن هذه الظروف بعد الثورة ،فإن القيادات العسكرية لازالت تبحث للحصول على نفوذ اوسع في علاقة بالسياسة و الأمن القومي .
و خلص غريوال إلى ان التكوين البشري للجيش التونسي و مصالحه السياسية و السعي إلى توسيع دائرة نفوذه أدت إلى رفض قمع الإحتجاجات ،و هذه نتائج تبشر بالخير بالنسبة للديمقراطية الناشئة في تونس ،لأنها تؤكد أن رؤساء المستقبل لن يكونوا قادرين على إحتواء المؤسسة العسكرية و تطويعها لقمع الإحتجاجات ،بالرغم من أنه نظريا يمكن لأي رجل قوي منتظر تعزيز مصالحه مع المؤسسة العسكرية وهذا يبقى مستبعدا لصعوبة تغيير تركيبتها و عقيدتها الراعية للمسار الديمقراطي ،فالمناطق الساحلية و هي المعاقل الإنتخابية للاحزاب المحسوبة على النظام السابق لن تجازف بإرسال ابنائها نحو الثكنات بشكل مكثف و بالتالي فإن إستمرار تركيبة الجيش الأقاليمية ستؤدي بالضرورة إلى ضعف جنوح النخب السياسية نحو العنف و القمع.”
Comments