الجديد

في خلفية الأزمة التونسية المغربية … هل هناك تحول في الموقف التونسي من القضية الصحراوية؟

تخضع السياسات في الدول العربية، إلى مفارقات تؤكد غلبة ردود الفعل، و أيضا هشاشة الموقع في منظومة العلاقات الدولية ، التي تعيش منذ سنوات على وقع تحولات متسارعة، أصبحت بعد اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية مخاضا كونيا، أساسه الرغبة في تشكل محاور جديدة، لقاء حرص أمريكي على الإبقاء على الأحادية القطبية.

هذه الخلفية هي التي يمكن أن تعطي بعض أدوات فهم الأزمة المستجدة بين تونس و المملكة المغربية، و ذلك على خلفية مشاركة وفد صحراوي رفيع المستوى في أشغال قمة التيكاد الأخيرة في تونس، و ما لقيه على المستوى البروتوكولي من استقبال يخصص لرؤساء الدول. و البروتوكول ليس بالأمر الهين في العلاقات الدولية، بل يعتبر في مناسبات مماثلة مهما للغاية، و يخضع لترتيبات مسبقة تتطرق الى أدق الجزئيات.

لا شك أن الرئيس قيس سعيد يعتبر ، انطلاقا من استقباله لابراهيم غالي ، بأن هناك جمهورية صحراوية، و هو ما ترفضه المغرب بشدة. و يبدو واضحا أن الخطوة التي اقدم عليها قيس سعيد تمثل تحولا كبيرا في الموقف التونسي من مسألة الصحراء الغربية،  و الذي كان دائما أقرب عمليا للموقف المغربي .

التحول في الموقف التونسي، يرتبط أساسا في ما يتأكد من تقارب كبير بين تونس و الجزائر، التي اصبحت في السنوات الأخيرة لاعبا مؤثرا في المعادلة السياسية الداخلية التونسية، و تكاد تكون حاليا الحليف الدولي الوحيد للرئيس قيس سعيد .

و لا يمكن في هذا الاطار عزل ” الخطوة الكبرى” التونسية عن فتور علاقة قيس سعيد بواشنطن، و هو ما يجعله مندفعا أكثر نحو الاعتماد على الجزائر، و الاقتراب من القوى المناهضة لواشنطن كروسيا و الصين و إيران.

كما انه ودون شك فان ” النفخ في نار الأزمات ” يساعد على تحويل الأنظار عن الأوضاع الداخلية و من هذه الزاوية فان الأزمة المستجدة بين تونس و المغرب تخدم قيس سعيد و محمد السادس .

ذلك ان إثارة الشعور الوطني، يمكن أن ينسي المواطن وضعه المعيشي و يدفعه للانصراف إلى ما ” أهم “، و هو ما يفسر إلى حد كبير حدة رد فعل الاعلام المغربي ، الذي لا يتحرك من تلقاء نفسه، و يقوده أمران.

هناك ما يمكن اعتباره من ” البديهيات” لأن النظام المغربي يقوم على اعتبار أن شرعية العرش و النظام الملكي و مغربية الصحراء الغربية من ” المحرمات” التي لا يجوز الاقتراب منها أو مناقشتها .

و هناك عامل ظرفي ، ان صح القول؛ يتمثل في بدايات أزمة إجتماعية إلى جانب اهتراء نسبي لمنظومة الملك محمد السادس، وسط تسريبات اعلامية عن خلافات تشق العائلة المالكة، التي تأثرت صورتها بالتطبيع مع الكيان الصهيوني.

و هذه المعطيات تجعل من تضخيم ” الحركة العدوانية التونسية ” حسب الوصف المغربي، ممارسة تغطي على الوضع الداخلي. و لا شك أن الأزمة بين تونس و المغرب، قد لا تكون لها تداعيات سياسية و أمنية مباشرة،  خاصة و أنه لا توجد حدود مشتركة بين البلدين،  و لكن ما هو مؤكد انها ستثير تفاعلات في عواصم أخرى، سواء في أوروبا أو في الخليج العربي.

هذا دون أن ننسى اسرائيل التي تربطها بالمغرب علاقات وطيدة و التي تستثمر في كل الأزمات العربية ، و تمني النفس بأن تتحول الأزمة السياسية بين الجزائر و المغرب، إلى مواجهة عسكرية مفتوحة .

ان العلاقات الدولية لا تحكمها المبادئ، و لا المواقف فقط، بل أساسا القدرة على امتلاك وسائل و امكانيات كل موقف و كل قرار.  فهل تملك تونس امكانيات موقفها الجديد من مسألة الصحراء الغربية؟

 

هشام الحاجي [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP