في عيدها .. المرأة مستقبل الرجل
كتب: هشام الحاجي
ساهم مسار عولمة الثقافة في اتساع مجال الاحتفاء ببعض المناسبات كالعيد العالمي للمرأة الذي اخرجته “الميديا الاجتماعية” و الفضائيات، من حدود الحركات النسوية و النقابية و النوادي الثقافية ليتحول إلى ما يشبه الحدث الكوني الذي يعيد فيه الجميع تثمين دور النساء و اسهامهن .
لا شك أن الجانب الاحتفالي لا يكفي لوحده خاصة في مجتمع تتجاور فيه حداثة لم يساهم في انتاجها مع عتاقة ورثها و لم يخضعها للنقد. هذا التداخل يحيل إلى “هشاشة ” مكاسب المرأة التونسية و التي تتجلى في عدة مظاهر.
تبرز من خلال تنامي العنف المسلط ضد النساء سواء كان هذا العنف رمزيا تستبطنه قواعد اللغة و قراءات ذكورية للقران و التراث او اجتماعيا من خلال طغيان النزعات الليبرالية و ما ينجر عنها من تفقير تعاني منه النساء أكثر من الرجال و خاصة النساء في الريف.
تعاني المرأة التونسية أيضا من عنف سياسي ما انفك يتطور و يتجلى في تراجع حضورها في مواقع القرار و في تنامي انتشار خطاب يرفض مساواتها الانطولوجية مع الرجل و يقر ما بينهما من فوارق بيولوجية على أنها دليل دونية المرأة وضعفها و يصر على أن يغادر عند التفكير في حقوق المرأة دائرة “الجيل القرآني الفريد ” و مجتمع الرسالة المحمدية.
من تجليات هذه النظرة رفض إخضاع المساواة في الحقوق لنقاش هادئ و اعتبار تمكين المرأة من حقوقها تهديدا للتماسك الاجتماعي و هو ما يعني في العمق تبريرا لكل سلوك يحول دون الارتقاء بوضعية المرأة و مكانتها.
تلعب “الميديا ” دورا في ممارسة العنف الرمزي ضد المرأة إذ غالبا ما تحصرها في بعدها الاستهلاكي كأداة للتحفيز على الاستهلاك سواء كان لمواد غذائية او لمواد تجميل و توظفها في برامج “تلفزيون الواقع ” كضحية أو كمذنبة و تغيب تغييبا يكاد يكون كليا المرأة القدوة و الناجحة رغم أن مجتمعنا لا يخلو من نماذج نسائية للإبداع و النجاح و التألق.
و لكن يبدو أن المسيطرين على عمليات “التلاعب بالعقول ” لهم أهداف أخرى لا يمكن في كل عيد للمرأة إلا أن نشير إلى أنها لا تمس من مكانة المرأة فقط بل تهدد مستقبل افضل للمجتمع لأن “المرأة هي مستقبل الرجل ” كما قال الشاعر اراغون.
Comments