قمة باليرمو: تنافس أوروبي –أوروبي حول ليبيا
تونس- التونسيون- وكالات
بدعوة من رئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي، يشارك رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي يومي 12 و13 نوفمبر 2018 في المؤتمر الدولي ” من أجل ليبيا ” الذي ينعقد بمدينة باليرمو الإيطالية بداية من اليوم تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة وبحضور ممثلي البلدان المعنيّة بالأزمة الليبية والمؤسسات الرئيسيّة في ليبيا وجامعة الدول العربيّة والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي.
وتهدف هذه الندوة بالخصوص إلى مزيد تفعيل مسار التفاوض بين كافة الأطراف الليبية للتوصّل إلى تسوية سياسيّة شاملة وعاجلة تضمن لليبيّين وحدتهم الوطنية وتمكنّهم من تركيز مؤسسات دائمة وتحقيق الأمن والاستقرار والتفرّغ لتحقيق التنمية بما يعود بالنفع على ليبيا ودول المنطقة.
للاشارة فان هناك تنافس أوروبي حول الوضع في ليبيا خاصة بين فرنسا وايطاليا في هذا الاطار نشر الباحثان بمركز رفيق الحريري للشرق الأوسط “كريم ميزران” و”إيرين نيل” تقريرا تحليلياً بشأن تنافس البلدين على الملف الليبي والدور الأميركي الغائب.
التقرير الذي نشرته مؤسسة “أتلانتك كاونسل” البحثية الأميركية قارن في أبرز ما ورد فيه بين التعاطي الفرنسي مع الأزمة الليبية ونظيره الإيطالي حيث سعت فرنسا من خلال قمة باريس إلى الحصول على التزامات شفوية من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وقائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج.
وأضاف التقرير بأن هذه الالتزامات المتعلقة بتنظيم استفتاء على مشروع الدستور بحلول الـ16 من سبتمبر وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في الـ10 من ديسمبر صعبة التحقيق لوجود عوامل عدة تمنع تحقيقها، وأبرزها انتشار الميليشيات المسلحة في أجزاء واسعة من ليبيا فيما يرى الإيطاليون أن حل الأزمة يكون من خلال فرض الاستقرار أولا ومن ثم تأتي باقي الاستحقاقات وعلى رأسها الانتخابات في وقت لاحق.
وتحدث الباحثان في تقريرهما عن عدم سعي الإيطاليين لإلزام قادة ليبيا خلال مؤتمر باليرمو الدولي الذي سيعقد في الـ12 والـ13 من نوفمبر الجاري بأي جداول زمنية، وهو الأمر الذي أغفله الفرنسيون مؤكدين بأن هذا التنافس بين إيطاليا وفرنسا أتى في ظل غياب شبه تام لدور اللولايات المتحدة في التعاطي مع الملف الليبي.
وأشار التقرير إلى أن واشنطن لم تكرس الكثير من الاهتمام للأزمة الليبية لاسيما بعد أن ظل منصب سفيرها في ليبيا شاغرا لمدة عام بعد تقاعد “بيتر بودي” في نهاية العام 2017، بينما أعلنت الخارجية الأميركية خلال الأسبوع الماضي، في إجراء غير قابل للتفسير وغير مسبوق، أن بودي سيعود إلى منصبه.
وأضاف التقرير أن إدارة ترامب لم تبدِ أي إهتمام علني بليبيا إلا في ديسمبر من العام الماضي عندما استضاف البيت الأبيض رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج ليعقد الرئيس الأميركي بعد هذه الاستضافة بـ8 أشهر مؤتمرا صحفيا مشتركا مع رئيس الوزراء الإيطالي “جوزيبي كونتي” صادق فيه على قيادة إيطاليا لمحاولات تحقيق الاستقرار في ليبيا.
ومضى التقرير في التوضيح بأن الولايات المتحدة التي لم تقترح أي بنود عمل بشأن ليبيا لا يعنيها شيء في الأزمة سوى الهجرة غير الشرعية ولا تهتم بوقف سفك الدماء مبينا بأن واشنطن تبقى رغم ذلك الوحيدة القادرة على ممارسة القيادة وتطبيق الضغط اللازم على الدول الأخرى التي تتدخل في الشأن الليبي وتسهم في إفشال المفاوضات بين الأطراف الليبية.
وتطرق التقرير إلى إمكانية قيادة الولايات المتحدة لعملية إنقاذ لعملية التفاوض في ليبيا لعزل البلاد عن اضطرابات الأطراف الخارجية، وما يترتب عليها من آثار على الأرض ومنع روسيا ومحور قطر وتركيا من استغلال الأوضاع للحصول على موطئ قدم أكبر في البلاد.
وأضاف التقرير بأن لواشنطن مصالح في منطقة حوض البحر المتوسط تتمثل في استقرار الأوضاع في الدّول الحليفة لها مثل إيطاليا وإسبانيا واليونان فهذه الدول وغيرها مهددة بشكل مباشر بالهجرة غير الشرعية، وبنشاطات المنظمات الإجرامية الدولية المتربحة من تهريب البشر عبر ليبيا إلى أوروبا فضلا عن إسهام هذه المنظمات في عرقلة أي تقدم سياسي في البلاد.
واستمر التقرير في التوضيح بأن من بين المصالح الأمريكية الواضحة الأخرى في استقرار ليبيا احتواء الإرهاب ومنع انتشار الصراع إلى جيرانها في شمال أفريقيا فيما قد يسهم هذا الاستقرار بتحقيق نتائج اقتصادية إيجابية للولايات المتحدة وشركاتها فضلا عن الاستفادة من تنامي التكامل الاقتصادي في البلدان المغاربية.
وأضاف التقرير بأن ليبيا المستقرة يمكن أن تساعد الولايات المتحدة في فرض العقوبات على إيران إذ ستسهم زيادة إنتاج النفط الليبي في مساعدة واشنطن في الحفاظ على أسعار النفط منخفضة رغم إخراج النفط الإيراني من السوق النفطية.
Comments