قيس سعيد .. رئيس لا يريد
هشام الحاجي
لم تكن المسيرة السياسية، لقيس سعيد ، حين ترشح لرئاسة الجمهورية ثرية ، بما يكفي للتطلع إلى دخول قصر قرطاج. إذ لم تكن تستجيب للشروط “النمطية” التي تكرست بعد 14 جانفي، إذ لم يعرف للرجل انخراط في ” النضال ضد الفساد و الاستبداد ” ، و لا علاقة وثيقة له بالأحزاب السياسية.
و يبدو أن هذه ” العذرية السياسية ” ، هي التي اغرت الناخبين للمراهنة على شخص وعد بالقطع مع منظومة بلا انجازات، و كان ميالا للاقتصاد في الكلام و اكتفى برفع شعار فيه الكثير من ” الطهورية ” ، و مثلنة الشعب الذي جعله قيس سعيد ” يريد ” .
و لكن حصيلة سنة من الاضطلاع بمهام رئيس الجمهورية، تبدو مخيبة للآمال و تكشف عن إحباط كبير للمواطنين و المواطنات. لا يمكن استحضار إنجاز وحيد يحسب لرئيس الجمهورية، الذي ظل اسير ” أمجاد ” الحملة الانتخابية.
فرفض “ساكن قرطاج” التخلص من قوقعة المترشح ، و فشل في القطع مع الماضي و الإعداد للمستقبل ، و هو ما جعله أسير التشبه بالخلفاء الراشدين، يقيس مشاكل الحاضر ببغلة تعثر سيرها في البصرة.
لم يحسن قيس سعيد التعامل مع المشهد السياسي، و مع مكونات النظام السياسي، و أثبت فشلا في إختيار فريق عمله، و أخذ يعزل نفسه يوما بعد يوم ، مقدما بذلك خدمة مجانية لخصومه السياسيين، و مبرزا أن الإشكالية اليوم ليست في أن الشعب يريد ، لأن رغبات الشعب معروفة و قد تكون بلا حدود بل في أن رئيس الجمهورية لا يعرف فعليا ماذا يريد و لا كيف ينجز ما يريد.
حصيلة السنة الأولى لا أثر فيها لنقطة ايجابية، و إذا كان من باب الابتعاد عن التجني، توقع بقاء الحال على ما هي عليه ،في ما بقي من مدة العهدة الرئاسية ، فإن قراءة مسيرة أغلب رؤساء الجمهوريات تبرز أن السنة الأولى لتولي السلطة عادة ما تكون مفصلية، في تحديد نجاح أو فشل أي رئيس للجمهورية.
إذ غالبا ما تكون سنة تحرك و مبادرات، ما دام استغلال الزخم المرتبط بنتائج الإنتخابات دافعا للتحرك ، من أجل إبقاء جذوة الأمل حية ، و هو ما لم يفهمه قيس سعيد ، و شرع في دفع ثمنه من خلال التراجع اللافت لشعبيته.
Comments