"كتاب" الرقاب .. الاسلاميون يستهدفون المنظومة التربوية !
التونسيون – نبيل البدوي
تجمّع أمس مجموعة من أولوياء التلاميذ الذين تم نقلهم من المدرسة القرآنية التي كانوا مقيمين فيها على بعد سبع كلم من مدينة الرقاب/ سيدي بوزيد أمام محكمة الناحية بتونس العاصمة مطالبين ب” الأفراج ” عن أبنائهم الذين نقلتهم مصالح وزارة المرأة الى مركز لرعاية الأطفال بمرافقة أخصائيين نفسيين
هذه الحادثة تطرح من جديد سعي الإسلامين منذ سقوط النظام السابق الى تخريج جيل جديد حامل لأفكار معادية لمدنية الدولة وللنظام الجمهوري وللنموذج المجتمعي التونسي عبر تغيير المنظومة التربوية والثقافية وذلك بنشر المدارس القرآنية وحشر الأطفال فيها ليكونوا مؤهلين لحمل الأفكار التي تعادي ” الطاغوت ” وتواجه الدولة ومؤسساتها من أجل إحلال نظام ” الحق ” وتطبيق الشريعة الإسلامية ورغم دعوات العديد من الناشطين الى خطورة هذه المدارس على الطفولة وعلى مستقبل البلاد إلا أن الحكومات المتعاقبة غضت النظر ولم تستعمل الحزم اللازم .
فالأثنين وأربعين طفلا الذين تم اكتشافهم في مدرسة قرآنية في مكان نائي ومعزول كانوا يعيشون في ظروف تنعدم فيها أدنى شروط الكرامة واحترام الذات البشرية ومنقطعون عن التعليم فحفظ القرآن الكريم لا يتعارض مع مواصلة الدراسة في المدارس الابتدائية والإعدادية ولا يوجد أي داعٍ لهذا النسيج من المدارس القرآنية التي ستحول تونس بعد سنوات الى نموذج شبيه بباكستان وأفغانستان ، فقد تم استهداف البلدين منذ أواخر السبعينات من خلال تغيير النمط الثقافي والتربوي والاجتماعي فتحول البلدين بفعل تدفق المال الخليجي الى بؤرة للعنف والإرهاب وانعدام الحريات .
ولئن كنّا ننوه بتدخل مصالح وزارة المرأة وخاصة مندوب حماية الطفولة إلا أن هذا التدخل قد تأخر كثيرا ولابد من تفعيل بنود مجلة حماية الطفولة ومقاومة هذه المدارس التي تأسست تحت عنوان حفظ القرآن الكريم إلا أنها تقوم بتوفير البيئة الفكرية والنفسية لانتشار الإرهاب والعنف.
لقد أدرك الإسلاميون بمختلف مكوناتهم أنّ تطبيق مشروعهم الذين يحلمون به منذ 1928 بتأسيس الحركة الأم لكل التنظيمات الإسلامية “الإخوان المسلمون” في مصر والقائم على تطبيق الشريعة الإسلامية كما يفهمونها دون أي قراءة لتاريخية القرآن وأحكامه يمر عبر تحطيم النموذج التربوي والثقافي من أجل انتاج جيل جديد حامل لأفكارهم منذ الطفولة .
وهنا نتذكر الفيديو الشهير الذي قال فيه القيادي في حركة النهضة عبدالفتاح مورو ل” الداعية ” وجدي غنيم منظر ختان البنات الذي أستقبل بالأحضان في تونس زمن الترويكا ” حاجتنا بأولادهم “.
فقد أدرك الإسلاميون بعد صعود حركة النهضة للحكم وحالة الصد التي واجهتها من القوى الناشطة في المجتمع أن تمرير مشروعهم حاليا غير ممكن ولابد من جيل جديد لم يتعلم في مدارس بورقيبة كما يقولون !
فالمسألة ليست في مدرسة قرآنية في مدينة الرقاب بل في نمط ثقافي وتربوي واجتماعي يحاولون فرضه عبر هذه الشبكة من المدارس والجمعيات المنتشرة في أعماق الأرياف والمدن الداخلية دون رقابة جادة وصارمة من الدولة.
Comments