خالد شوكات

لو كانت كذلك لأفلح خير الدين باشا في مشروعه الاصلاحي وجنّب البلاد الوقوع في الاستعمار.. لما انتصر عليه رجل فاسد فاسق من السوقة مثل مصطفى بن اسماعيل خليل الصادق باي.

لو كانت كذلك لما مات الحدّاد كمدا من قهر الناس.. وما مات الشيخ الثعالبي وحيدا .. ومات ملك الشعب المنصف باي غريبا.. لو كانت كذلك ما اغتيل الزعيم حشّاد..وما اغتيل الزعيم صالح بن يوسف

لو كانت كذلك لربما ما ألغيت التعددية الحزبية وصار الحكم فرديا..ولكان الزعيم بورقيبة استجاب لرسالة الزعيم النقابي احمد التليلي.. وانسحب في الوقت المناسب من السلطة كما فعل سينغور

لو كانت كذلك ما خذل رجل نزيه مخلص مثل احمد بن صالح أراد تنمية مستقلة وحلم باستكمال الاستقلال

لو كانت كذلك لخلف الزعيم بورقيبة احد تلاميذه المؤهلين.. وما خرج الاستاذ محمد مزالي منفيا هاربا بجلده في ثوب راعٍ

لو كانت كذلك ما انتهت امانة الثورة لمجهولي النسب السياسي والسماسرة وساسة الصدفة وعصابات بلا فكر او اخلاق وكأن تونس خالية من الكفاءات والقيادات

لو كانت كذلك ما اخطأ سي الباجي خطأً عمره وجاء بشاب عديم الخبرة مستعد للعقوق ليوليه امر الناس

لو كانت كذلك لاستمرت حكومة سي الحبيب الصيد ونفذت المخطط الخماسي وأنقذت اقتصاد البلاد واستكملت بناء الموسسات الدستورية

لو كانت كذلك ما هُمِّشت الاعراف الديمقراطية وسلّمت السلطة لمن خسروا الانتخابات ومن يعتبرون السياسة رجسا من عمل الشيطان

ولو كانت كذلك ما انحرف مزاج الشعب وانتخب رئيسا غامضا بلا خبرة او تجربة او موهبة قيادية او علاقات دولية او حتى حس سليم.. هذا تاريخنا مجموعة اخطاء ومكر لا ينتهي.. لكنّهُ مع ذلك سيسير في الاتجاه العام السليم.. ببركة دماء الشهداء.. فدماء الشهداء لا تضيع هدرا ولو طال الزمان..