الجديد

كتب خليفة بن سالم: الحرب الإسرائيلية – الايرانية .. بين الهدنة ووقف إطلاق النار، ترك مسافة الأمان

خليفة بن سالم

يمكن القول أنه من السابق لأوانه، أن نقدم قراءة تحليلية ضافية شافية، حول حرب الأيام 12 بين اسرائيل و ايران، وفي محاولة لفهم إحداثيات ما حصل، سوف نعمل الى التركيز على على نقاط  بل تساؤلات أربعة، وهي:  لماذا اختارت إسرائيل الهجوم على إيران في هذا التوقيت بالذات ؟ ثم دواعي الغارات الامريكية ؟ خفايا وخلفيات هذا الهدوء والثقة العالية في النفس من قبل إيران ؟ وأخيرا وليس آخرا من المستفيد ومن المنتصر ومن الخائب و من المهزوم ؟

اسرائيل ، من إختار ضربة البداية :

صحيح إن اسرائيل كانت السباقة، في الاعتداء على إيران، وبما أنها هي من هاجم ومن أختار العدوان، فإن الأصل في الاشياء انها أعدت نفسها أفضل إعداد وقرأت كل الامكانيات في الربح والخسارة، لكن صمود طهران ونقل النار الى تل أبيب، سيناريو لم يكن ليخطر ببال ناتينياهو ولا حتى ببال الامريكان ولا أيضا جوار إيران وأصدقائها التقليديين.

وان كنا لن نأتي بجديد، اذا قلنا بأن الرد الايراني قد فاجأ اسرائيل والولايات المتحدة، اذ نجحت إيران في كسر الاعتقاد الواهم، إن لا أحد ينتصر على اسرائيل، وان مصير النظام في إيران مسألة ايام لا غير،  و ان حلم صناعة القنبلة النووية تبخر،  بمجرد غارات اسرائيلية وامريكية، وهو على ما يبدو السبب الرئيسي للعدوان الاسرائيلي، بعد حصول يقين اسرائيلي أمريكي بأن إيران على مسافة ايام وتتحول الى قوة نووية.

ولكن ارتباك ترامب، و صمت الصين، وهدوء الروس، وترقب بلدان الخليج، من المواجهة حامية الوطيس، تم اعلان سريع مفاجئ من قبل أمريكا، يدعو لإيقاف الحرب، وهو ما يجعلنا نقول من أنهم أدركوا حقيقة مخفية عنخ بعد فوات الأوان، ربما تكون  أن إيران لم تعد ابدا على مسافة من قنبلتها النووية، وانما هي مسألة  في اختيار توقيت الإعلان، وفي غياب معلومات وفي ظل حالة الغموض، فان قبول اسرائيل بوقف الحرب، يغري بأن هناك طبخة جرت في الكواليس، بناء على معلومات، جعلت الاسرائيلي يذهب نحو قبول وقف العدوان.

دواعي الغارة الامريكية :

لم يعد ثمة مجال من الشك من انها مسرحية، اراد من خلالها ترامب ان يقول ها أنا هنا، ولكن تم ذلك بعد اتصال مع بوتين دون أن يتحدثا عن اوكرانيا ولو بكلمة، ثم تصريح روسي يحذر من ضرب المفاعلات النووية، ثم يسافر وزير خارجية إيران الى موسكو، ليصبح الجميع على علم بالضربة وحدودها ومحدوديتها، ومن بعد تضرب اسرائيل من قبل إيران لتدرك مرة أخرى انها عاجزة وغير قادرة على حماية رعاياها في الاراضي المحتلة، وبعد ذلك تضرب قطر عبر ضرب القاعدة الامريكية، لتنال شرف الوسيط وحتى لا يكون لإسرائيل، أي حوار مباشر مع ايران.

من اين أتى الايرانيون بكل هذه الثقة :

الجمهور المتعطش لرؤية اسرائيل مهانة، تحت ضرب صواريخ إيران، كان لا يخفي سعادته وحديثه بمعجم الاساطير لعصر سينهي اسرائيل، ولكنه في نفس الوقت كان خائفا فاقدا لأمل النصر، خاصة الجمهور العربي، لأنه تعود الخيبات فيما جزء من نخبته محبطة للعزائم، تحلل وفقا للأمنيات، وليس للمعطيات وهو تقريبا موقف النظام الرسمي العربي، عدا بعض الاستثناءات، إذ تجنبوا إدانة العدوان الاسرائيلي، وفي المقابل بدأت القيادة الإيرانية هادئة متوازنة، ردودها الخطابية والاتصالية في حدود ردود على ادعاءات الاسرائيلي، وهذا تفسيره بالنسبة إلينا، هو أن الإيرانيين هم الأدري بما يملكون من قوة و هم الأدري بحقيقة موقف حلفائهم من روس وصينيين، وهم الأدري كذلك بحقيقة وضع الأنظمة العربية، وكلها بالنسبة لهم بلا فائدة، ان كان صاحب المعركة لا يقدر على الصمود، قبل طلب المساعدة، فما بالك وهم كانوا قادرون على الدفاع وعلى الهجوم.

المنتصر والمستفيد والخائب والذليل:

لا جدال في أن المنتصر الاول، هو إيران لأنها تحولت طرفا رئيسيا في المعادلات الشرق أوسطية، و أن المنتصر الثاني هم الروس لانهم – ولأول مرة – أحد حلفائهم في المنطقة ينتصر، وان هذا الانتصار كان على حساب قوى تدعم اوكرانيا، فإسرائيل حليفة زيلنسكي وامريكا داعم لأوكرانيا وفرنسا وألمانيا المتعاطفين مع اسرائيل حليفين لزيلنسكي، لذلك هزيمة اسرائيل وخيبتها هي خيبة وهزيمة لكل الدول الغربية، و الغرب يدرك أن روسيا والصين ودول البريكس في معظمها وشعوب المنطقة تريد نصرا يقلب الموازين، وربما لأجل ذلك فان اجتماع الحلف الاطلسي – الذي انتظم ساعات قليلة بعد وقف الحرب بين ايران واسرائيل-  تغاضى هذه المرة حتى عن مجرد الإشارة لأوكرانيا، وهذا مؤشر ربما يعني في قادم الأيام،  تخلي من الغرب تدريجيا عن زيلنسكي، لإيجاد حل مع بوتين، وهو ما سعى ويسعى إليه ترامب، كبديل عن حروب لم يعد يتحملها الاقتصاد من جهة، ولا الناخب الأمريكي من جهة أخرى.

كلمة أخيرة:

وفي خاتمة القول، نقول ان حرب ال12يوما ، قد تعقبها رسم لخرائط جديدة، على ضوء موازين قوى جديدة، تمهد لشكل جديد من الحروب الناعمة، التي تعترف بعودة معسكر الشرق، تتقدمه روسيا وهو ليس معسكر دبابات وصواريخ، وانما هو ايضا معسكر مصالح ومعاملات وعملات، في تفاعل أخذا و ردا مع معسكر الغرب، وان تعددت القوى المشاركة فيه، فإن أمريكا تستفرد بالقيادة وبالتالي بصناعة القرار.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [ View all posts ]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Go to TOP