كتب خليفة بن سالم: “سنة 2024 .. صمود فلسطيني و تخبط إسرائيلي”
خليفة بن سالم
عند نهاية كل سنة إدارية /ميلادية، وقدوم سنة جديدة يسعى متابعي الشأن العام السياسي والاقتصادي والاجتماعي، سواء في بلادنا أو في غيرها من بلدان العالم، الى تقديم ملاحظاتهم عند أحداث انقضت، وأخرى يتوقعونها أو يتطلعون إليها.
وفي هذا السياق من محاولات التقييم والقراءة أعتقد أن سنة2024 لم يعرف فيها العالم أحداثا مفصلية فارقة، بل إن كل ما شهده العالم من أحداث خلال السنة المنقضية كان نتيجة منطقية لتراكمات سنوات ماضية، ومع ذلك يمكن القول أن أحداث السنة المنقضية يمكن اختزالها عالميا وإقليميا ومحليا في : صمود فلسطيني و تخبط اسرائيلي .
انتهت سنة 2024 ولم تنته معها معاناة شعب فلسطين، وانتهت سنة 2024 ولم ينته معها خذلان العرب حكاما وشعوبا لشعب فلسطين .سنة تعقب سنة وتزداد مع كل سنة عنجهية اسرائيل، التي تخطت كل الحدود في الوحشية والسادية والوحشية تجاه شعب أعزل ومحاصر.
سنة 2024يصعب محوها من الذاكرة الجماعية للبشرية، حيث الصبر والجلد والصمود الاسطوري الفلسطيني، و في المقابل لن يمحو التاريخ من الذاكرة الخذلان الجماعي العربي، وكيف صرنا نقبل بكل ما تعرض له الفلسطين، ونحن نحتفل بالنصر والاستقلال والسيادة والكرامة و تحايا النصر و رفع الأعلام و النياشين في الميادين، فيما اطفال فلسطين ورجالها يقصفون ويدفنون احياء وعزاؤنا الوحيد أن اسرائيل بدأت تعترف بعجزها، والشارع الغربي يحتج على حكوماته بشأن هذه المسألة ..
وربما إدخال نتنياهو المستشفى وإجراء عملية البروستا أحد مداخل إزاحته مستقبلا من المشهد للهروب من المأزق الذي وضع فيه جيشه وكيانه .. 2024
أوروبا المنهكة .. بداية أفول الهيمنة الفرنسية
حال أوروبا ليس ببعيد عن حال بقية القارات أزمات إقتصادية وأخرى سياسية و ضعف في التنفذ داخل خريطة الصراعات الدولية بين الولايات المتحدة والصين من جهة وبين الغرب من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى.
و كل ما يمكن ملاحظته بالنسبة لأوروبا خلال السنة المنقضية أن القارة العجوز حاولت عبر الانتخابات تغيير قياداتها نحو اليمين المتطرف والعنصري، تغيير شيئا ما في القارة ولكنها لم تتمكن بحكم العجز الهيكلي والسيطرة الأمريكية، والتي صارت واقعا لم يعد للقارة الأوروبية أن تتخلص منها.
والملاحظ هنا أن فرنسا التي ترك لها ديقول إرثا من السيادة والاستقلالية في تراجع فصارت هذه الدولة في حالة من التخبط السياسي الداخلي وفشلت في كل محاولاتها أن تكون لاعبا محددا في الحرب في اوكرانيا .
إذ فشلت كل مساعيها في إسناد زلنسكي لتحقيق تقدم ميداني عسكري يمكنها من أن تكون راعية دبلوماسيا لأوكرانيا، كما فشلت فرنسا في المحافظة على تواجدها داخل القارة الأفريقية – مستعمراتها القديمة-. التي انتفضت أغلب دولها على التواجد العسكري الفرنسي داخلها، فضلا عن تواصل تخبط سياسات باريس في علاقة بمنطقة المغرب العربي.
عملت إيطاليا على استغلال هذه الثغرة و الفراغ الذي خلفته فرنسا ولكن شأنها شأن كل دول أوروبا لا قدرة لوجستية لها فأوروبا ليس لها من قدرة على الفعل خارج التوصية الأمريكية .
العرب .. سقوط الأسد للابد
سنة 2024 انتهت وانتهى معها حكم نصف قرن من حكم عائلة الأسد في سوريا وهو حكم يتعدى بكثير سقوط بشار كرئيس أو البعث كحزب حاكم أو الحكم الفردي كآلية حكم، وانما في اعتقادي أن هذا السقوط هو إعلان عن بداية التمدد التركي على المنطقة، من أجل فرصة لإنهاء حالة اللاحرب واللاسلم مع اسرائيل (لأن نظام الأسد اخر نظام عربي يجسد حالة اللاسلم واللاحرب مع اسرائيل ، فهو لا حرر الأرض ولا أبرم التطبيع ولا استرجع الجولان ولا سلم بها لاسرائيل ) .
وفي اعتقادي فان حاكم سوريا الجديد “الجولاني” ، سيكون مع اسرائيل على النهج الاردوغاني، إذ من الوارد جدا أن يبرم على شاكلة السادات صلحا مع اسرائيل، مقابل أن تمنحه جزء ا من الجولان عبر مراحل و هي الخطوة التي سترفع لاحقا كل حرج على بقية العرب وستضخ الأموال لدمشق لتزدهر كأنموذج للتطبيع وهذا سر الحفاوة والقبول والترحيب الذي يلقاه الجولاني عند دول الخليج.
سنة2025 .. لا عدو لأمريكا عدا الصين
مهما اجتهدنا في التأويلات تبقى فكرة الدولة العميقة مجسدة في الولايات المتحدة ولا سواها، لأن ملخص الدولة العميقة هو في قدرة مصالح الأمة التي تعبر عنها “الطغمة “أقل حجما من الطبقة، و هي متخلصة من التبعات الثقافية والالتزامات العقائدية وتشابك المصالح الاقتصادية ضمن بنى الانتاج.
إن” الطغمة “تختزل كل ذلك في حركة المال وفعل الهيمنة وديمومة التحكم، أما الادوات والأساليب فهي متحررة منها، لهذا ترى الدولة العميقة في الصين الخطر المستقبلي على “الطغمة”.
وفيما تعتبر الدولة العميقة في انتخاب ترامب السبيل للتعجيل بحسم المعركة مع الصين وهي ليست معركة عسكرية وانما تفعيل الية العزل والحصار، لذلك سيسعى ترامب لتخليص الادارة الامريكية من الاهتمام بقضايا مكلفة دون مردودية كقضايا الشرق الاوسط وصراعات افريقيا والحرب الاوكرانية .
سيقع التخلص منها عبر التوكيلات، وهو خيار مختلف تماما مع فلسفة الدولة النشيطة في أمريكا، والتي تعتبر إن ادارة الصراع الدولي يتم عبر تشظية النزاعات وخلق الحروب في كل مكان .
لذلك قد تكون سنة 2025سنة ابرام معاهدات في الشرق واوكرانيا و نزع فتيل الحروب في ليبيا والسودان من اجل فرض قوانين سوق عالمية جديدة ….
عدا هذا لا وجود للعالم دولا وسياسات الا افكارا وتمثلات.
Comments