كلمة الرئيس المرتقبة: هل ستساعد على الحل أم ستعمق الأزمة؟
منذر بالضيافي
أكدت تقارير اعلامية محلية متطابقة، أن رئيس الجمهورية ، قيس سعيد “قرر التوجه بكلمة الى الشعب للتقدم بمبادرة سياسية قد يحمّل فيها المسؤولية للأحزاب السياسية”. ذات التقارير أشارت الى أن كلمة الرئيس المرتقبة ستكون يوم 17 ديسمبر الجاري، أي في ذكرى اندلاع الثورة، وتابعت “أن رئيس الجمهورية اختار التوجه بكلمته للشعب لتحديد المسؤوليات ولوضع الجميع أمام مسؤولياتهم السياسية تجاه الشعب”.
خطاب سعيد المرتقب، سيكون بعد حوالي شهرين من وصوله لقصر قرطاج (23 أكتوبر – 17 ديسمبر)، وان كانت الفترة الزمنية لا يسمح فيها بتقييم حصيلة حكم الرئيس الجديد، فان غالبية المتابعين للشأن التونسي، في الداخل والخارج، يجمعون على أن الرئيس سعيد ما يزال غامضا ، في مواقفه وفي الخيارات التي ينوي القيام بها.
وفي هذا السياق، تساءل العديد من الناشطين خلال الفترة الماضية، عن سبب غياب الرئيس، عن تقديم راي أو موقف أو نشاط، من شأنه أن يشير الى معرفة موقفه والحلول التي قد يفكر في تقديمها حول ما يجري في البلاد، التي تمر بمرحلة “فارقة” من تاريخها، سواء بالنظر الى التحديات الداخلية، والتي يختلط فيها السياسي بالاقتصادي، أو تلك المتصلة بالمخاطر الناجمة عن حالة “التوتر” و “الاضطراب” التي يعرفها الاقليم، خاصة في علاقة بالتطورات السلبية على الحدود الجنوبية (ليبيا)، التي أصبحت ترمي بظلالها على المشهد التونسي، خصوصا في ظل تسارع طبول الحرب بين الفرقاء، المستفيدة من تصاعد الصراع الدولي حول ليبيا.
تشير “التسريبات” المنشورة حول كلمة الرئيس سعيد المرتقبة، الى أنه اختار التوجه للشعب، وهو حق دستوري مكفول للرئيس، أما في المستوى السياسي فانه كان خيارا منتظرا، وذلك بالنظر الى وجود توقع بأن “يوظف” الرئيس “الرصيد الانتخابي”، الذي حصل عليه في انتخابات 13 أكتوبر الماضي، و الذي تجاوز كل التوقعات وبرز كما لو أنه “استفتاء”، لدعم “شرعية” الرجل، في انتظار طبعا “شرعية” الانجاز والأداء، وهو مالم يتبين خلال فترة وجوده بالقصر الرئاسي لحد الان.
ان خيار التوجه للشعب، على أهميته كما سبق وأن اشرنا، الا أنه كان سيكون مفيدا أكثر، لو برزت ملامح أو مؤشرات عن برنامج أو تصور لدى ساكن قرطاج، لتجاوز حالة “القلق” المجتمعي، الذي يرتقي لهاجس الخوف على المستقبل، وهي تخوفات يتقاسمها التونسيون بمختلف شرائهم وطبقاتهم، وهي تخوفات مرتبطة اساسا بتردي بل انهيار الوضع الاقتصادي، الذي دفع كلفته المواطن بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة، وتراجع الخدمات الأساسية للدولة.
وفي غياب برنامج رئاسي للإنقاذ، والمساهمة في تقديم الحلول للخروج من الأزمة الشاملة والمركبة، والاكتفاء بالتأكيد على أن الحلول عند الشباب، ورفع شعار “الشعب يريد” بلا مضمون واقعي، فانه لا يتوقع أن يكشف الرئيس عن برنامج سيقدمه للشعب، وأننا لا نتوقع أن يتجاوز مضمون الخطاب ما ردده الرئيس للشباب الذي زاره في قصر قرطاج.
لكن، ومثلما ورد في “تسريبات” الكلمة الرئاسية المرتقبة، فان الرئيس سيركز على البعد “السياسي”، المتصل بالتوجه للشعب من أجل “اقامة الحجة” ، على فشل المنظومة السياسية والحزبية، وأيضا النظام السياسي، وهو ما بشر به في حملته “التفسيرية”.
وفي هذا السياق ليس من المستبعد، أن ينطلق الرئيس من “الفشل” الذي صاحب تشكيل الحكومة، ومما عاشه البرلمان من تجاذبات وصراعات، من أجل “تحديد المسؤوليات ولوضع الجميع أمام مسؤولياتهم السياسية تجاه الشعب”، مثلما ورد في “التسريب” حول فحوى كلمة الرئيس المنتظرة.
من هنا ، يبرز أن “صمت” الرئيس خلال كامل الفترة السابقة ، كان هدفه التهيؤ للخروج لإدانة المنظومة السياسية و الدستورية الحالية (وخاصة البرلمان ) ، تمهيدا لتقديم “البديل” الذي دعا له في حملته “التفسيرية” خلال الحملة الانتخابية الرئاسية.
لو تأكد ما ذهبت اليه “التسريبات” المتداولة والمتطابقة، حول كلمة الرئيس و في ظل المناخات المحلية والاقليمية الحالية، فضلا عن وجود حالة “ترقب” من قبل شركاء تونس، لما ستكون عليه سياسات الحكم الجديد ، فان الأوضاع ستكون مرشحة للدخول في أتون مرحلة جديدة، ستكون سمتها المزيد من الانقسام المجتمعي والصراع السياسي و التباعد بين مؤسسات الحكم الثلاث حد – ربما – القطيعة، سيناريو لو حصل سيكون مهددا للاستقرار الاجتماعي والسياسي، و سيدفع الرئيس ثمنا له من “شعبيته”، ومن “الآمال” التي علقها عليه قطاع واسع من التونسيين.
Comments