لبنان: انطفاء الغابات واشتعال الشارع
بسام عوده
شهد لبنان سلسلة حرائق متفرّقة، أتت على مساحات شاسعة من الأحراج والبيوت والممتلكات العامة والخاصة، مخلفةً أضرارًا جسيمةً على البيئة والاقتصاد والحالة الاجتماعية للناس وما كادت تنطفأ حتى تحركت حرائق الشارع الغاضب من تردي الأوضاع المعيشية.
يبدو ان أزمات لبنان لا تنقطع بدءًا من أزمة النفايات الى الحرائق ثم انتقلت النيران الى الشارع وبدأت ازمه أخرى يبدو انها الاصعب ، لبنان له خصوصية التنوع السكاني والديني فبالرغم من الديانات المختلفة تالف المجتمع ، وتميز بالأنماط الموسيقية والأدب ، لبنان قراء التجربة التونسية وردد المحتجون على الوضع النشيد التونسي في الساحات ..
الشرارة التونسية انتقلت الى هناك إذا الشعب يوما … وانطلقت التظاهرات في البداية احتجاجا على غلاء المعيشة ثم ارتفع سقف المطالب احتجاجا على الضرائب التي فرضت على “الويتساب” واستجابت الحكومة لبعض المطالب في ورقة اصلاحية للمشاكل الاقتصادية وارتفاع الضرائب.
الورقة الإصلاحية التي قدمها رئيس الحكومة سعد الحريري لم تلقى تجاوب على الصعيد الشعبي ، وفهمت على انها جاءت لاحتواء الشارع ، ويبدو أن الأزمة تزداد صعوبة وتصعيد لهجة الشعارات ( ارحلوا كلكن ) التي وصفت الإصلاحات المتأخرة منتهية الصلاحية ولا جدوى منها
ويبدو من خلال ردة الفعل ان الثقة منعدمة في الطبقة السياسية والحزبية الحاكمة وإسقاط الاسماء والوجوه السياسية أصبح مطلبا لا غبار عليه ، لكن من الجانب الحكومي هناك من يحذر من خطورة الوضع إذا أسقطت الرموز السياسية وأن الوضع سيزداد تعقيدا ، وأن الوضع سيكون مفتوحا على المجهول و على تعقيدات واحتمالات ليس اقلها الفوضى في شتى المجالات.
كما أن البعض يدرك خطورة النسيج الاجتماعي المتشعب المختلف تماما عن الحالة التونسية ، وتخشى وجوه سياسية بارزة ان يتحول الوضع الى صراع مذهبي يتيح للأطراف الخارجية التدخل وتعود لبنان الى نقطة الصفر لا قدر الله
وفي إشارة الى تصريحات رئيس الحكومة إذا بقي الحال كما هو علية ستجرى انتخابات مبكرة ، لكن الوضع يزداد صعوبة بالرغم ان الحريري انتقد اداء الحكومة ولمح الى انه متعاطف مع حركة الاحتجاج ووجه نقد ذاتي طال الأحزاب والوزراء.
في الوقت نفسة هناك انتخابات بلدية مقررة الأسبوع القادم ، قد تؤجل في ظل الظرف الراهن .
الاعتصامات في كل المدن اللبنانية الرافضة لأي حل شفوي وحتى الانتخابات المبكرة رفضت ما لم يتم إصلاح حقيقي ويبدو ان الإصلاح ( الهدف ) هو رحيل الرموز الحزبية والسياسية .
لبنان مفتوح على كل الاحتمالات فالبلد يعاني من الغلاء والتضخم في قيمة الليرة الغائبة وحل مكانها الدولار النادر المفقود في ظل الضغوطات التي تواجه لبنان من الدول المانحة ، و الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت منها الغير متوقعة في ظل تباعد بين أطروحات الحكومة والشارع الرافض لأي حلول لا تلبي المطالب الشعبية.
يبدوا اذن الأمر في غاية الصعوبة في ظل التعقيدات السياسية والحزبية والأزمة الاقتصادية الخانقة .
Comments