لطفي زيتون يكتب: “انتهى عهد التفويض المطلق… الديمقراطية المركزية انتهت”
طفي زيتون*
نشر القيادي في حركة النهضة لطفي زيتون تدوينة مطولة هي امتداد ومتابعة للجدل الدائر في حركة النهضة حول المؤتمر المقبل، والتباين حول موقع راشد الغنوشي في مرحلة ما بعد المؤتمر 11 ، خاصة بعد تقديم 100 قيادي لعريضة، يطالبون فيها الغنوشي باحترام القانوني الداخلي للحركة، وعدم الترشح لرئاسة الحركة مرة أخرى، والتي رفضها “الزعيم” واستمر في تجاهل بل وحتى “اقصاء” خصومه داخل الجماعة.
في ما يلي نص تدوينة لطفي زيتون، اليوم الأربعاء 30 سبتمبر 2020:
في المؤتمر العاشر لحركة النهضة كان هناك خطان للصراع والتدافع هما الخط السياسي والخط التنظيمي ووقع التركيز من طرف مجموعة كبيرة من قيادات الحركة على الخلاف التنظيمي، لذلك تمت المصادقة على المشروع السياسي ب87 في المئة وهذا لا يحصل عادة في الاحزاب لأنه عند حدوث منعرجات كبيرة صلبها تمرّ مثل هذه الملفات بـ50 في المائة او اكثر قليلا
الملف السياسي لم يأخذ حظه من النقاش وتبين بعد المؤتمر انه لم يكن هناك وعي بحجم التحولات السياسية …ومازلنا في اخذ ورد بخصوصه اذ لا يزال الموضوع السياسي والفكري بين من يقول نحن مازالنا في الاسلام السياسي او الديموقراطي وهما مترادفان في الحقيقة ويعتبر ذلك هو الخط الفكري والسياسي الصحيح وبين من يعتبر التحول الى حزب وطني محافظ مسألة مصيرية لتتاهل النهضة حتى تواصل المشاركة في الادوار الاولى للعبة السياسية
ومازال هناك اختلاف حول دور الدين في الحزب هل هو مرجعية عليا للحزب دونا عن بقية التونسيين أم مثلما حدده الدستور مرجعية عليا لكل الشعب ولمؤسسات الدولة ممنوع على شخص او فئة او حزب ان يحتكره ويستعمله لتبرير اجتهادات بشرية كثيرا ما تخطأ…. اذن لا احد ينكر المرجعية الاسلامية أو ان الاسلام جزء من البرامج ولكن الخلاف حول احتكاره من طرف حزب معين مرة باسم الاسلام السياسي ومرة باسم الاسلام الديموقراطي …
وقع اذن عشية المؤتمر العاشر التركيز على الجانب التنظيمي وتمحور النقاش حول 3 آراء:
– مجموعة قيادات مُعتبرة طالبوا بقيادة جماعية بتصور يقوم على انتخاب المكتب التنفيذي وهذا المكتب التنفيذي يفرز رئيس الحركة ،
– ورأي ثان مع المحافظة على الموجود وهو انتخاب رئيس الحركة من قبل المؤتمر فيما يشكل هو (الرئيس ) المكتب التنفيذي وهذا التصور جاري به العمل منذ التأسيس ،
– رأي ثالث هو رأينا نحن الذي قال انه بما ان الحركة تريد إن تتحول الى حركة دولة ورئيسها سيكون المرشح الطبيعي للمناصب العليا صلبها كما ينص قانونها الأساسي فإن ذلك يقتضي توسيع قاعدته الانتخابية وعدم الاكتفاء بـالـ 1200 المشاركين في المؤتمر…
كيف لرئيس يُنتخب ب900 صوت ان يترشح لرئاسة البلاد ؟
رئيس حزب يُنتخب بـ900 صوت ثم يكون معنيّا بحكم البلاد بينما في امريكا يشارك في مثل هذه الانتخابات عشرات الملايين وفي بريطانيا مثلا رئيس حزب العمال المرشح لرئاسة الحكومة يشارك في انتخابه قرابة 6 ملايين عضو من الحزب والنقابات، لكن هذا الرأي لم يُؤخذ به وأُقصي حتى من العرض في المؤتمر العاشر .
اقصي لأن عناصر الطرفين النافذين اعتبروا ان قواعد الحركة لا تزال غير مؤهلة لانتخاب رئيس وهذا الموقف يتقاسمه الذين يتحدثون عن أكثر ديمقراطية في تسيير الحركة ( انتخاب مكتب تنفيذي يختار رئيسا للحركة ) أو الذين تمسكوا بالمواصلة في نفس المسار ( المؤتمر ينتخب رئيس الحركة والرئيس يختار المكتب التنفيذي) وانا مازلت مُصرا وأدعو من هنا الذين سيشاركون في المؤتمر 11 الى الدفاع عن هذا الرأي فيقوم المؤتمر بتغيير القانون الاساسي ويضع قواعد الانتخابات العامة لرئيس الحزب وشروط الترشح لتجري العملية مباشرة بعد الفراغ من المؤتمر. لانه عندما يصبح الرئيس يحظى بقاعدة واسعة حزبية وحتى شعبية فذلك مهم لاستقرار العملية السياسية جملة
المهم ليس تسيير الحزب .. الحزب هو لتسيير الدولة وهذا نعتبره قضية رئيسية فبدل انتخاب رئيس بـ100 صوت يتم انتخابه بمليون صوت …هناك من تمسك بالعكس بما يعني ان الرئيس بدل ان ينتخب من قبل 1000 مؤتمر ينتخبه 10 من أعضاء المكتب التنفيذي .. لانه اذا انتخب رئيس الحزب من قبل المكتب التنفيذي فهذا يعني أن 10 أو 20 هم من سينتخبون رئيس الجمهورية المحتمل واذا نظرنا الى الموضوع من هذه الزاوية تبين انه على عكس ما يسوق مناصروه اقل ديموقراطية واكثر مركزة للسلطة..
حان الوقت في خضم الجدل الدائر حول التمديد ليخرج هذا الراي الثالث الى الاعلام ليطلع عليه التونسيون وابناء الحركة لعلهم يهتدون الى المطالبة بحقهم في افراز قيادتهم ومؤسساتهم…
لم يعد هناك مبرر في ظل التطور التكنولوجي والامكانيات الكبيرة ان يفوض الناس لغيرهم في الانتخاب… لماذا يخرج كل الشعب لانتخاب رئيس الجمهورية لتسيير البلاد بينما رئيس الحزب تنتخبه صفوة ؟ على كل ابناء الحزب المشاركة في حقهم الانتخابي على كل مستويات… هذا يُمكّن من اكثر شرعية ويفتح ابواب الحزب للناس ..انتهى عهد التفويض المطلق… الديمقراطية المركزية انتهت.
Comments