لفك عزلتها .. هل تتخلى النهضة عن الشاهد ؟
كتب: نبيل البدوي
بعد قرار الهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل عن اقرار اضرار جديد في القطاع العام والوظيفة العمومية يومي 20 و 21 فيفري القادم، يزداد مستقبل حكومة يوسف الشاهد غموضا، ومصيرها يبدو أكثر من أي وقت مضى مرتبط بيد حركة النهضة، التي اصبحت تسير نحو “عزلة” سياسية، قد تدفعها الى التضحية بما يسمى ب “الاستقرار الحكومي”.
تعاني حركة “النهضة”، من ضغط كبير في المستوى الداخلي، بسبب ملفات الجهاز السري والتسفير، والمسؤولية عن الاغتيالات التي حصلت خلال فترة حكمها (زمن الترويكا)، و هي الملفات التي تبناها اتحاد الشغل، وخاصة ملف الجهاز السري، حيث طالبت الهيئة الإدارية أمس بالتعامل معه بجدية، وضرورة كشفه و هو نفس مطلب الجبهة الشعبية وكذلك نداء تونس وعدد كبير من الجمعيات الحقوقية بما يجعل النهضة في الزاوية وفي عزلة سياسية رغم حضورها الكبير في مجلس نواب الشعب والحكومة وتنظيمها الحديدي وانضباط قواعدها وقدرتها على تحريك الشارع.
لا تواجه “النهضة” ضغوطات داخلية فقط بل إقليمية أيضا فقد أصبح حلفائها في علاقة بانحسار تيار الاسلام السياسي والقوى الداعمة له في المنطقة والتطورات المرتبطة بعد نهاية الحرب في سوريا والضربة التي تلقتها التنظيمات الارهابية ومن يقف ورائها، فضلا عن “ضبابية” في موقف ادارة ترامب تجاه التيار الاسلامي.
هذه المعطيات قد تدفع حركة النهضة الى التحرك باتجاه فك عزلتها في الداخل وإعادة التموقع من جديد وهذا السيناريو لا يتحقق الا عبر التخلي عن دعم يوسف الشاهد الذي يحمله اتحاد الشغل والرئيس الباجي قائد السبسي مسؤولية تدهور الأوضاع في البلاد وفشل حكومته في تحقيق أي نتائج عملية يمكن أن تحسب لها وخاصة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي .
تواجه حركة النهضة اليوم تواجه غضبا اجتماعيا متزايدا فهي عمليا الحزب الحاكم وهي المساند الرئيسي ليوسف الشاهد ووجود حزبي المبادرة ومشروع تونس ليس أكثر من حضور رمزي إذ لا تأثير لهما يمكن حسابه في الشارع التونسي، الذي أثبت الاتحاد العام التونسي للشغل، أنه مزال قادرًا على التعبئة متى أراد ذلك.
رغم اعلان زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي أنه لا داعٍ لتغيير الحكومة اليوم فإن هذا التصريح ليس أكثر من ترويج اعلامي فالنهضة قد تتخلى عن الشاهد لفك العزلة على نفسها. كما أن جزء كبير من قياداتها وقواعدها لا ينظرون بعين الرضى لرئيس الحكومة خصوصا وأنه لن يلتزم فيما يبدو بمبدأ عدم الترشح في الانتخابات القادمة وهو الذي شرع في تكوين حزب سياسي تشير كل المؤشرات الى أنه سيكون أداة لترجمة طموحاته السياسية وذلك عبر الاستحقاقات القادمة التشريعية والرئاسية.
للتأكيد على امكانية تحقق سيناريو التخلي عن الشاهد، لابد من استحضار الذين استعملتهم الحركة الإسلامية (النهضة) في تونس بدءا من محمد مزالي مرورا بنجيب الشابي ومنصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر وربما وصولا الى الشاهد .. فالتحالف مفهوم غير وارد في الفقه السياسي للحركات الإسلامية، فهي اما أن تستوعب من تتعامل معه وتحوله الى رهينة لديها ينفذ برامجها أو أن تقتله سياسيا .
Comments