لوكربي من جديد .. لماذا الأن ؟
غازي معلى
ظهور اسم «لوكربي» على السطح من جديد، يعيد للأذهان تفاصيل مؤلمة لمحنة عاشها 6 ملايين مواطن ليبي، وجدوا أنفسهم بين حجري رحى: نظام عسكري قمعي أحال حياتهم جحيماً لا يطاق، وأنفق ثروتهم في مغامراته السياسية والعسكرية، وحصار دولي يتعرضون له من دون ذنب ارتكبوه، وعليهم تحمل دفع أثمانه المكلفة.
عودة «لوكربي» إلى سطح الأحداث حالياً، وفي هذه الظروف المربكة – سواء التي تمر بها ليبيا بشكل خاص أو العالم عموماً – تثير، أيضاً، أسئلة كثيرة، ليس أقلها: لماذا الآن؟ وبأي غرض؟ وما نوعية الهدف المنشود تحقيقه؟
بعد مرور يوم عن الذكرى 32 للجريمة، وقبل يوم من مغادرته لمنصبه، أعلن النائب العام الأميركي ويليام بار، عن اتهام ضابط أمن ليبي يدعى محمد أبوعجيلة مسعود (المشتبه به مسجوناً في أحد سجون طرابلس منذ 2012 و قد قدمت السلطات الليبية اعترافات ابو عجيلة للسلطات السكوتلندية سنة 2017 ) بصنع القنبلة التي أودت بالطائرة، المتجهة من لندن الى نيويورك في ديسمبر 1988، فوق بلدة لوكربي باسكوتلندا، ومقتل جميع ركابها البالغ عددهم 259 شخصاً، من ضمنهم 190 أميركي الجنسية، و11 مواطناً بريطانياً، من سكان لوكربي.
قتلوا على الأرض، لدى سقوط الطائرة فوق منازلهم و قد علق وليام بار عن قراره بفتح الملف من جديد قائلا، “لا الوقت ولا المسافة يمكن أن يعيقا حصول الأمريكيين على العدالة”. “.
و من المتوقع في الأيام المقبلة أن توجّه وزارة العدل الأمريكية اتهاما جنائيا ضد مسعود.
كنا نظن أن ملف القضية قد أقفل نهائياً، عقب رضوخ نظام القذافي بتسليم المواطنين الليبيين المشتبه بهما للمحاكمة في هولندا عام 2000، بعد أن دفع القذافي تعويضات هائلة لأهالي الضحايا، وأخيراً، رفع الحصار عن ليبيا، وعاد النظام العسكري الليبي إلى المسرح الدولي، بعد تجميده لسنوات وصدر في عام 2001 حكم الإدانة بحق الضابط السابق في المخابرات الليبية عبد الباسط المقرحي وحكم عليه بالسجن مدى الحياة،
لكن السلطات الأسكتلندية أفرجت عنه لاعتبارات إنسانية في عام 2009، نظرا لإصابته بمرض السرطان وتوفي المقرحي في ليبيا عام 2012.
عادت هذه الأسئلة لتطرح بصوت عال بعد أن قررت اللجنة الأسكتلندية المستقلة لمراجعة القضايا الجنائية إحالة الحكم بإدانة المقرحي للمحكمة العليا في أسكتلندا لإعادة النظر فيه.
وتعتقد اللجنة أنه ربما حدثت إساءة في تطبيق العدالة في قضية المقرحي، وتدفع بسببين في تبرير قرارها هما أن حكم الإدانة غير معقول وأن دليل الإدانة لم يُكشف عنه النقاب.
ما يثير التساؤل هو لماذا حرص النائب العام الأميركي المقال ويليام بار بعد كل هذه الفترة و بعد ان فتحت المحكمة الاستكتلندية الملف من جديد على إعادة القضية مع العلم أنه في عام 1991 كان يشغل منصب النائب العام الأميركي بالوكالة، وأشرف على ملف القضية.
Comments