ليبيا: هل تحولت الى دولة فاشلة.. ماهي سيناريوهات المستقبل ؟
منذر بالضيافي
بعد 8 سنوات على ثورة 17 فبراير 2011، وسقوط نظام معمر القذافي، الذي حكم ليبيا أكثر من أربعين سنة، تشير جل التقارير والتقديرات، وكذلك نتائج المؤتمرات التي عقدت هنا وهناك واخرها في باليرمو الايطالية، أن ليبيا بصدد التحول وبسرعة كبيرة، الى دولة فاشلة. فعلي خلاف ثورتي تونس ومصر، حيث استمرت الدولة بعد سقوط النظام، نظرا لتجذر ارث الدولة المركزية. فان الوضع في ليبيا كان مغايرا تماما، فمع سقوط النظام انهارت وتفككت الدولة بكل مؤسساتها، بما في ذلك المؤسسة العسكرية، لنكتشف ضعف نظام القذافي وغياب الدولة خلال فترة حكمه.
لعل هذا ما يفسر حلول كل مظاهر التقاتل، الذي غذته المليشيات وانتشار السلاح، والتفكك حيث برزت للسطح النزعة الاستقلالية والمناطقية، فضلا عن الانقسام المجتمعي والسياسي بين الشرق والغرب. هذا المشهد سمح ويسمح الي اليوم بتوفير كل العناصر المحفزة على الفوضى، التي تعمقت أكثر مع التدخل الإقليمي والخارجي، لتنزلق معه ليبيا نحو الحرب الأهلية، التي يتوقع أن تستمر بعد تمترس القوي السياسية، وراء المليشيات المسلحة والعمق القبلي، وسقوط كل ورقات الحل بيد العامل الخارجي.
في ظل هذا المشهد المضطرب والمفكك، وجدت التنظيمات الإرهابية و “الجهادية”، مثل “القاعدة” و “داعش” و أخواتها الفرصة مناسبة للتمدد، مستغلة حالة الفراغ المؤسساتي والفوضى التي زادت تناقضات الفاعلين السياسيين في تغذيتها. وبهذا أصبحت البلاد مرتعا لهذه الجماعات، التي بايع بعضها تنظيمات إرهابية عابرة للحدود، مثل “القاعدة” وتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”. وهو ما ساهم في مزيد تعقيد الوضع الليبي، وزاد في تأخير فرص الحل أو التسوية.
يعرف الوضع الليبي الحالي، بأنه شديد التعقيد، فهو يتسم أساسا ب “حرب الكل ضد الكل”، وفق عبارة فيلسوف العقد الاجتماعي توماس هوبز (1588-1679، فيلسوف إنجليزي عاش في القرن السابع عشر، في فترة تميزت بالاضطرابات والقلاقل، عانى خلالها المجتمع الإنجليزي من ويلات الحرب الأهلية.)
فكل مكونات المشهد الليبي الحالي، دخلت في صراع على قاعدة “إلغاء الآخر”، صراع يدور حول “الغنيمة” (الثورات البترولية الهائلة) و “النفوذ” بما يعني من إصرار كل طرف أو جهة على حسم الصراع لصالحه، وهي عملية تبدوا غير ممكنة، إن لم تكن مستحيلة على الأرض. ولعل هذا ما يفسر عدم قدرة الفاعلين السياسيين على الحوار وإيجاد تسوية داخلية توقف نزيف الانزلاق نحو “الانهيار الكبير”، نحو حرب أهلية ستخلف الدمار وتنسف ما تبقي من أسس ومقومات الدولة. اذ نلاحظ استمرار الطابع الدموي، الذي صاحب الانتفاضة الليبية، منذ بدايتها، بعد أن عمد نظام القذافي إلى عسكرتها، لتأخذ منعرجا أكثر دموية مع التدخل العسكري الأجنبي، الذي عمد إلى استيعاب الحراك الثوري، ثم تحويله عن مساره.
نحاول في هذه الورقة، التطرق إلى ثلاثة عناصر كبري، في مقاربة المشهد الليبي الراهن وآفاق تطوره في المستقبل القريب، فكل السيناريوهات (التي هي نماذج مثالية) لا يمكن لها أن تتجاوز أفق السنة في وضع داخلي واقليمي، أيضا دولي متحرك بسرعة، يستحيل معها وضع سيناريوهات على مدى متوسط أو بعيد، على أن ما يجب الاشارة اليه في خصوص مستقبل ليبيا، أن العامل الخارجي محدد أكثر من الداخلي، ان لم نقل أنه متحكم ومحدد له..
لفهم المشهد الليبي في شموليته، سوف نتطرق في ورقتنا هذه الى العناصر الثلاثة التالية:
1/ رصد الواقع/الوضع الليبي “الآن وهنا”، كما هو ماثل أمامنا على الأرض ، ومختلف الفاعلين فيه من تنظيمات سياسية وميليشيات مسلحة وقبائل وجماعات “جهادية” (لعل أبرزها تنظيم “داعش”).
2/التحديات العديدة والمركبة، التي تواجه إنهاء المرحلة الانتقالية، التي استمرت أكثر من اللزوم، دون بروز مؤشرات على أنها ستنتهي قريبا.
3/استشراف المستقبل، عبر تصور السيناريوهات الممكنة، التي يمكن أن تتجه نحوها الأوضاع في ليبيا.
تجدون الدراسة على الرابط التالي:
https://attounisiyoun.com/2018/11/13/%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D9%87%D9%84-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%89-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D9%81%D8%A7%D8%B4%D9%84%D8%A9-%D9%85%D8%A7%D9%87%D9%8A-%D8%B3%D9%8A%D9%86/?fbclid=IwAR00bVmsJGcw2Rr2ghFaS56ZtrrmDkVTp5_Q2a3h8NGCixeQADRVXFmpuUc
Comments