ماكرون في القاهرة: محاصرة إيطاليا .. وإبعاد الاخوان
التونسيون – نبيل البدوي
بدأ الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون زيارة رسمية الى مصر أمس الأحد تتواصل ثلاثة أيٌام وهي الأولى له منذ توليٌه الرئاسة قبل عام ونصف وسيوقع الرئيسان مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية والثقافية من أجل دفع العلاقات التاريخية بين البلدين التي تعود الى الحملة الفرنسية بقيادة بونابرت قبل قرنيين ويرجّح أن يوقّع الرئيسان ثلاثون اتفاقيات تعاون حسب ما أوردته وسائل الاعلام الرسمية في مصر.
وعلى الرغم من أهمية الاتفاقيات الاقتصادية التي تؤكد أصرار فرنسا على الحفاظ على مواقعها في منطقة الشرق الأوسط باعتبار الثقل الجيو استراتيجي الذي تتمتع به مصر فإن الملف الليبي سيكون هو الملف الأساسي في المباحثات ، ذلك أن باريس التي لعبت دورا أساسيا في الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي ومنح البلاد الغنية بالنفط والغاز الى المليشيات ، أصبحت لا تخفي قلقها من الوضع في ليبيا وخاصة انعدام الأمن والإرهاب والهجرة السرية إذ تحوٌلت شواطىء ليبيا الى مصدر إزعاج كبير لشمال المتوسط وخاصة إيطاليا وفرنسا.
واللقاء الفرنسي المصري في مستوى الرئيسين كان نتيجة لتقارب وجهات النظر في سياق الرهان على المشير خليفة حفتر والجيش الليبي ليبسط نفوذه على ما تبقى من ليبيا بعد أن سيطر على منطقتي الشرق والجنوب فالقاهرة لا تخفي دعمها للمشير خليفة حفتر ولمجلس النوٌاب الليبي ولا ترى أي دور للإخوان المسلمين في بناء ليبيا وهذا الدور كان محل جدل ومازال فإيطاليا الشريك الأوروبي الثاني تدعم حكومة السرٌاج والمجلس الأعلى للدولة الذي يرأسه خالد المشري أحد قيادات حركة الإخوان المسلمين – أستقال قبل يومين من الحركة -وتعمل على إدماجهم في العملية السياسية رغم انحسار شعبيتهم مقابل صعود شعبية أنصار الزعيم الراحل القذافي والمشير خليفة حفتر والجيش الليبي !
فخطوة ماكرون في اتجاه القاهرة هي تثبيت للموقف المصري وتدعيم له وفي ذلك أستباق لأي دور إيطالي على أرض الواقع فكل محاولات دعم حكومة السرٌاج والمجلس الأعلى للدولة لم تحقٌق أي نتيجة عملية على الأرض بما حول مخرجات مؤتمر الصخيرات قبل عامين الى خطوة في المجهول لم تغير شيئا من واقع الليبيين في منطقة نفوذ السرٌاج والمجلس الأعلى للدولة.
فزيارة ماكرون الى القاهرة هدفها الأساسي الاتفاق على رؤية سياسية موحدة تجاه الوضع الليبي قبل الانتخابات المقررة لهذا العام والتي يطمح الليبيون وجيران ليبيا الى أن تكون خطوة عملية لتحقيق الاستقرار في الوقت الذي يتقدٌم فيه الجيش الليبي نحو طرابلس وهي المرحلة الأخيرة لبسط نفوذه وتفكيك ما تبقى من الملشيات بدعم مصري واماراتي وفرنسي ربما .
بعد زيارة ماكرون الى القاهرة يتوقٌع أن يزور رئيس الحكومة الإيطالي جوزي كونتي مصر فالرئيس المصري السيسي يمسك بجانب كبير من توازنات القوة في ليبيا ولا يمكن أن تتخلٌى القاهرة عن موقعها في ليبيا وهو الدور الذي تنظر له الجزائر بالكثير من التحفٌظ وقد تكون القمة العربية القادمة في تونس بداية الاتفاق على رؤية موحدة تجاه ليبيا بعد ثماني سنوات من سقوط نظام معمر القذافي.
Comments