الجديد

ماكرون ولوبان في الجولة الثانية للرئاسيات.. سيناريو مكرر

التونسيون- وكالات

في سيناريو مكرر لرئاسيات 2017، تمكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، الأحد، من الصعود للدور الثاني، للمرة الثانية على التوالي وبفارق 4 نقاط.
إذ حصل ماكرون على 28.6 بالمئة من الأصوات، مقابل 24.4 بالمئة للوبان، بحسب تقديرات مؤسسة “إفوب” لسبر الآراء، التي بثتها قناتا “تي آف 1″ و”آل سي يي” الفرنسيتين (رسميتين).
ولم يتمكن المرشح اليساري الراديكالي جان لوك ميلونشون، للمرة الثانية عن التوالي من اللحاق بلوبان، والصعود إلى الدور الثاني بعد أن حلّ ثالثا بـ20.2 بالمئة من الأصوات.
بينما سقط المرشح اليميني المتطرف إريك زمور، سقوطا مدويًا بعد أن رشحته استطلاعات رأي نهاية 2021، بأن ينافس ماكرون في الدور الثاني، ويطيح بلوبان من زعامة أقصى اليمين، بفضل خطابه العنيف المعادي للمهاجرين والمسلمين، لكنه لم يحصل سوى على 6.4 بالمئة من الأصوات، بعيدا بمسافة عن ميلونشون.
المثير للاهتمام هو تواصل تراجع نسب المشاركة في الانتخابات الفرنسية بشكل عام، فبعد تسجيل 78 بالمئة نسبة مشاركة في رئاسيات 2017، نزلت هذه النسبة بنحو 5 نقاط وبلغت 73.3 بالمئة.
ويعكس تراجع نسبة المشاركة إلى عدم اقتناع أكثر من ربع الناخبين الفرنسيين المسجلين (48.7 مليون مسجل) ببرامج المرشحين الـ12، ودخول السباق الرئاسي نفق الرتابة والتكرار.

** السيناريو المثالي لماكرون

ليس أفضل لماكرون، من خوض الجولة الثانية من الرئاسيات ضد مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، التي سبق وأن فاز عليها في 2017، بـ 66 بالمئة من الأصوات مقابل أقل من 34 بالمئة.
وعلى عكس رئاسيات 2017، التي شارك فيها ماكرون بثوب المرشح شبه المغمور، وتمكن من التفوق على مرشحي الحزبين الرئيسيين (الاشتراكي والجمهوريين) في الجولة الأولى، والصعود إلى الدور الثاني والفوز بفارق 2.22 نقطة عن مارين لوبان، لكنه اليوم يدخل بثوب رئيس فرنسا، ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي.
ولن يجد ماكرون أفضل من لوبان، لتكون خصمه في الجولة الثانية من الرئاسيات، لأنها ستضمن له، وبدون أن يقدم الكثير من التنازلات، أصوات اليسار وذوي الأصول المهاجرة، لتفادي الخيار الأكثر سوءا.
إذ تمكن ماكرون، من توسيع الفارق بينه وبين لوبان في رئاسيات 2022، إلى 4.2 نقاط مقارنة برئاسية 2017.
وليس ذلك فقط، إذ ارتفعت نسبة الأصوات التي تحصل عليها في هذه الانتخابات بـ5 نقاط مقارنة برئاسيات 2017، ما يعني أنه رفع شعبيته رغم الانتقادات التي وجهت له بسبب تراجع القدرة الشرائية، ومظاهرات السترات الصفراء، وقراراته المناهضة للمهاجرين المسلمين.
واستفاد ماكرون من الدعم المسبق لمرشحي كل من حزب الخضر (يانيك جادوت/ 4.6 بالمئة) والجمهوريين (فاليري بيكريس/ يمين/ 4.6 بالمئة) والحزب الشيوعي (فابيان روسيل/ 2.5 بالمئة) والاشتراكي (آن إيدالغو/ 1.9 بالمئة).

** لوبان تبحث عن المفاجأة

تسعى مارين لوبان، لقلب رتابة المشهد السياسي وتحقيق مفاجأة في الجول الثانية للرئاسيات، خاصة وأنها تمكنت من رفع رصيدها بـ3 نقاط، حيث حصلت على 24.4 بالمئة في هذه الانتخابات مقارنة بـ21.5 بالمئة في انتخابات 2017.
فاستطلاعات الرأي الأخيرة، تظهر أن لوبان، قلصت الفجوة بينها وبين ماكرون إلى 3 نقاط فقط (48.5 مقابل 51.5 بالمئة).
حيث طورت لوبان من خطابها السياسي المعادي للمهاجرين والمسلمين، وأصبحت تولي أهمية أكبر للقدرة الشرائية التي أصبحت تؤرق المواطن الفرنسي أكثر من موضوع الهجرة والأمن.
وكشفت استطلاعات الرأي أن 53 بالمئة من الفرنسيين يضعون تحسين القدرة الشرائية على رأس أولوياتهم، بينما تدحرج ملف الهجرة إلى المرتبة الرابعة بعد الحرب الأوكرانية والبيئة بنسبة 24 بالمئة.
تكيف مارين لوبان مع تطور اهتمامات الفرنسيين، وانفتاحها على ملفات أخرى من شأنه أن يستقطب إليها الغاضبين من سياسات ماكرون، وقد تستفيد من التصويت العقابي، بما في ذلك اليسار والمسلمين.
ويمثل تغيير اسم الحزب من “الجبهة الوطنية” إلى “التجمع الوطني”، ليس فقط محاولة من لوبان القطيعة مع إرث والدها السياسي جون ماري لوبان، الزعيم السابق لليمين المتطرف، بل محاولة لتجديد الخطاب السياسي للحزب، ومحاولة الانفتاح على نطاق ضيق على فئات أخرى.
والجولة الثانية للرئاسيات تتميز عن الجولة الأولى بكونها تركز على لعبة التحالفات، ومدى قدرة لوبان على إقناع منافسيها السابقين على غرار زمور وميلونشون على التحالف معها.
وإن كان زمور سارع لدعم لوبان، فإن ميلونشون تعهد بأن لا يمنح لها ولو صوتا واحدا، فإن المرشح اليميني نيكولا دوبون إينيون (نائب عن حزب الجمهوريين) أعلن دعمه للوبان لقطع الطريق أمام ماكرون.

** ميلونشون يقطع الأمل عن لوبان

منذ انهيار الحزب الاشتراكي، الذي كان يتزعمه الرئيس السابق فرانسوا أولاند، في رئاسيات 2017، تتسابق عدة أطراف لاقتسام تركته الشعبية، وعلى رأس هؤلاء جون لوك ميلونشون.
ورغم أن ماكرون، فاز بحصة الأسد، باعتباره خرج من عباءة الحزب الاشتراكي، إلا أن ميلونشون، أصبح يمثل أكثر من يجمع شتات اليسار بمختلف أطيافه بعد أن تبنى الرئيس المنتهية ولايته سياسات أكثر يمينية خاصة تجاه الطبقة العمالية.
ودفاع ميلونشون، عن المهاجرين والمسلمين أكسبه تأييد شريحة هامة من هذه الفئة حتى وإن لم تتبن بعض أفكاره الشيوعية الراديكالية، وهذا ما يفسر حصوله على المرتبة الثانية بـ 20.2 بالمئة من الأصوات، متفوقا على مرشحة الحزب الاشتراكي آن إيدالغو بفارق شاسع (1.9 بالمئة).
ورغم أن ميلونشون، خسر فرصة الصعود للجولة الثانية، إلا أنه حصل على نحو 7 ملايين صوت، وبإمكانه أن يلعب دور شعرة الميزان بين ماكرون ولوبان، إلا أنه أعلن بعد فترة قصيرة من ظهور النتائج الأولية للانتخابات أنه لن يدعم لوبان، ما يرجح إما دعمه لماكرون أو عدم دعم أي منهما.
وبالنظر إلى أن أربع مرشحين خاسرين أعلنوا دعمهم لماكرون مقابل اثنين قرروا مساندة لوبان، التي فقدت أي أمل في دعم أكبر المرشحين الخاسرين، فإن الرئيس الفرنسي الأقرب إلى خلافة نفسه.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP