محسن مرزوق شاعرا…في كأنّه شعرٌ
تونس- التونسيون
انتظم صباح اليوم بمكتبة “الكتاب” بالمركز العمراني الشمالي، حفل توقيع المجموعة الشعرية الثانية للسياسي/ الشاعر محسن مرزوق. حفل حضره جمعٌ غفيرٌ من سياسيين واعلاميين وأحياء الشعر. اكتشف فيه بعضهم لأول مرّة صوت محسن مرزوق الشاعر بعد إن كان هذا الصوت خافتا أمام صوته السياسي.
المجموعة الشعرية التي قرأ منها محسن مرزوق بعض المختارات، وَسَمَهَا مؤلّفُها ب”كأنه شعرٌ”. وفي تفسيره اختيار هذا العنوان كتب مرزوق أن ذلك يعود إلى فترة الصبى، حيث كان يُعلّق بهذه الجملة على محاولاته الشعرية الأولى.
وفي معرض تقديمه كتب محسن مرزوق “صدرت لي عن دار الكتاب مجموعة شعرية بعنوان: كأنّه…شعر…
وهي مجموعة من القصائد التي كتبتها منذ سنوات طويلة في الجامعة وبعدها، بعضها في صحراء رجيم معتوق وأخرى في فضاءات الحيرة والبحث عن أجوبة. قصائد عن الوطن والسؤال والحب.
سيغفر الشعراء والنقّاد لهذه القصائد طفوليّتها. ولكن بعد مجموعة جنازة مشمسة التي كانت مهداة حصرا لشكري بلعيد الشهيد، وقبل المرور لنشر مجموعة قصائد جديدة كان لا بدّ من إظهار كتابات تلك المرحلة الأولى.
أشكر المفكّرة والمبدعة الكبيرة ألفة يوسف لأنها تكرّمت بتقديم المجموعة.
وفي الأثناء تجمّلت المجموعة الثالثة وعنوانها وطاويط ملوّنة، وهي الان بين يدي قابلة المطبعة، تنتظر دور ظهورها بعد مدّة وجيزة.
وبقطع النظر على هذا التواضع الادبي، إذ لا يدّعي مرزوق أن ما يكتبه شعرٌ بديعٌ وأن تجربته الشعرية نضُجت واستوت، فإن لهذا العنوان دلالات أخرى اهم واعمق.
في معرض تقديمه كتب محسن مرزوق “صدرت لي عن دار الكتاب مجموعة شعرية بعنوان: كأنّه…شعر…
وهي مجموعة من القصائد التي كتبتها منذ سنوات طويلة في الجامعة وبعدها، بعضها في صحراء رجيم معتوق وأخرى في فضاءات الحيرة والبحث عن أجوبة. قصائد عن الوطن والسؤال والحب.
سيغفر الشعراء والنقّاد لهذه القصائد طفوليّتها. ولكن بعد مجموعة جنازة مشمسة التي كانت مهداة حصرا لشكري بلعيد الشهيد، وقبل المرور لنشر مجموعة قصائد جديدة كان لا بدّ من إظهار كتابات تلك المرحلة الأولى.
أشكر المفكّرة والمبدعة الكبيرة ألفة يوسف لأنها تكرّمت بتقديم المجموعة.
وفي الأثناء تجمّلت المجموعة الثالثة وعنوانها وطاويط ملوّنة، وهي الان بين يدي قابلة المطبعة، تنتظر دور ظهورها بعد مدّة وجيزة.
الشعر…المحاكاة،
يذهب ابن سينا إلى أن الشعر هو “الكلامُ المُخيّلُ” والتخييل مرادف للمحاكاة التي هي بدورها ترادف التشبيه، والمخيلات هي مقدمات ليست تقال ليصدق بها، بل لتخيل شيئا على أنه شيء آخر على سبيل المحاكاة”. ويعرف الفيلسوف العربي المحاكاة بأنها “إيراد مثل الشيء وليس هو هو”.
والغاية عند ابن سينا من الشعر اي من فعل المُحاكاة هي تحصيل الإفادة والمتعة، حيث يذكر أن الشعر قد يُقال لاثارة الإعجاب، وقد يقال للأغراض المدنية، ولذلك ذهب إلى أن غاية الشعر عند العرب هي”لوجهين أحدهما ليؤثر في النفس أمرا من الأمور تعد به نحو فعل أوانفعال، والثاني للعجب فقط، فكانت تشبه كل شيء لتُعجب بحسن التشبيه”.
و “كأنّ” بهذا المعنى تتجاوز مسألة التواضع أوالحكم النقدي على فعل الكتابة، لتقع على جوهر الكتابة ذاتها، حيث يعود مرزوق بالشعر إلى معناه الأول وهو “التشبيه/ المحاكاة”. أي إعادة ترتيب العلاقات بين الموجودات وبناء نظام لغوي ودلالي جديد بينها في اللغة وبها. وليس الشعر في أبسط تعريفاه غير “التشبيه”.
الشعر… موقف،
في تقديمه للمجموعة وفي حديثه قال محسن مرزوق أن قصائدها تعود إلى مرحلة الصبى، وأن بعضها كُنب في معتقل رجيم معتوق الصحراوي وبعضها الآخر في مراحل متأخرة. وعكست القصائد بشكل ما تطور شخصية صاحبها، إذ يبدو الموقف السياسي وتصور الكتابة نفسها في القصائد الأولى في حين يبدو على بعضها الآخر شروع محسن مرزوق في خوض أسئلة وجودية أوسع من أسئلة “الالتزام” فتبدو مسحة من التصوّف ومعجم التشوّف واضحة خاصة في قصيد “القيروان”. كما تظهر الأبعاد الانسانية والجمالية ومعجم الحب والعشق والفناء أكثر وضوحا في القصائد المتأخرة.
الشاعر..السياسي،
أغلب الحاضرين حفل التوقيع اليوم كانوا ممن عرفوا محسن مرزوق السياسي، وهم في الحقيقة بصدد اكتشاف وجهه الآخر. والشاعر والسياسي يتشاركان “العمل” نفسه والأهداف نفسها. فكلاهما يشتغل في استراتيجيات الخطاب ولهما نفس الغاية وهي دفع المتلقي إلى “الإذعان”. ولعلّ خطورة التسمية والخلق اللغوي هي التي جعلت “الشعراء/ السياسيين” في نفس المرتبة الاجتماعية، لأن مدار نشاطهما هو “السّلطة/ المُلك”. فمن أمتلك اللغة أمتلك قيادة الجماهير.
كما أن للشاعر والسياسي التقاء آخر، فكلاهما حالمٌ. ولكليهما مشروع أجمل، يدفع المتلقي إلى الحُلُم والى التعلّق بالمستقبل. والتاريخ الإنساني عموما والعربي بصفة خاصة حافل بهؤلاء الشعراء من ذوي السلطان على الكلام وعلى الناس.
في ختام الحفل كشف محسن مرزوق أن مجموعات شعرية أخرى سترى النور وأنه لن يتوقّف على الخوض في الكتابة، ولكنه بيّن ايضا انه بصدد تأليف كتابات أخرى ولكنها تدخل ضمن السيرة السياسية، وفيها تقييم لتجربة الانتقال الديمقراطي في تونس ولتجربة نداء تونس. وهي كتابات ستكون مهمة نظرا للدور الذي لعبه مرزوق في المرحلة المذكورة. وبين الشعر والسياسة يظل مرزوق مُعلّقا، فأيهما سينتصرُ؟
Comments