محسن مرزوق يكتب عن : “دروس محاولة الانقلاب الخاطفة في أمريكا”
محسن مرزوق
الرئيس الشعبوي ترامب بعد أن خسر الانتخابات وربحها بايدن، حاول الليلة الماضية محاولته الاخيرة والاخطر لالغاء نتائج الانتخابات وتحويلها لصالحه. فقد حشد أنصاره في واشنطن وحرضهم للزحف على البرلمان حيث يجتمع الكونغرس مع مجلس الشيوخ للمصادقة على نتائج الانتخابات نهائيا.
اقتحمت تلك الجموع البرلمان في مظاهر فوضى عارمة. قتل أربعة أفراد. وترنحت الديمقراطية الأمريكية لساعات قبل أن يعود الوضع طبيعيا فاستأنف المجلسان الاجتماع لساعة متأخرة من فجر اليوم الموالي وتم إعلان بايدن رئيسا.
دروس كثيرة يمكن استخلاصها مما حصل:
** الشعبوية مرض خطير يستطيع أن يحدث أضرارا رهيبة حتى في أعرق الديمقراطيات.
** الكذب يستطيع أن يصبح إيمانًا خطيرا رغم قوة وسائل الاعلام الامريكية. فكون الانتخابات وقع تزييفها كما يقول ترامب هو مغالطة أسقطتها المحاكم ورغم ذلك صنعت هذه المغالطة فقاعة كذب أحكمت طوقها على قرابة أربعين بالمائة من الامريكان. الكذب الممنهج هو حاليا وبسبب وسائل التواصل الاجتماعي من أخطر أعداء الديمقراطية.
** الديمقراطية مبادئ قبل أن تكون مصالح. لذلك رفض نائب الرئيس بانس الانصياع لرغبات رئيسه الانقلابية وكذلك فعل رئيس الاغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماك كونل. وكان لموقفهما تأثير كبير في إستئناف المسار الديمقراطي.
** من الواضح أن الديمقراطية الكلاسيكية أصبحت هشة أمام الشعبوية الحديثة التي استطاعت التحكم في أكبر وسيلة لنشر الاخبار بما فيها الكاذبة: وسائل التواصل الاجتماعي.
في نهاية الامر، لن يمر ما حصل في أمريكا دون ترك أثر كبير على العالم. فالصور التي دارت الكون ستؤثر. والتفكير في تطوير النظام الديمقراطي سيصبح أشدّ إلحاحا.
** ويجب على الاقل ان نستخلص في تونس حقيقة واحدة وقتيا: أساس العمل العام سواء كان الامر يتعلق بموقع نائب شعب أو وزير أو مسؤول أو رئيس أو متحزب هو المسؤولية.
واذا غابت المسؤولية فالفوضى ممكنة حتى في أعرق الدول الديمقراطية وأقواها.
لنتذكر هذه القيمة: المسؤولية.
المصدر: تدوينة لمحين مرزوق، رئيس حركة “مشروع تونس”، على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك
Comments