محللون: لا تسوية في الأفق بين قصر قرطاج والبرلمان التونسي
تونس- أصوات مغاربية
دخلت الأزمة السياسية في تونس منعرجا جديدا، هذا الأسبوع، عقب إنهاء الرئيس، قيس سعيد، لمهام 5 مساعدين لرئيس البرلمان، راشد الغنوشي، من بينهم مدير ديوانه.
ويرى محللون للشأن السياسي أن إعفاء الرئيس لمساعدي الغنوشي ووقف صرف المنح المالية والامتيازات التي يحظى بها نواب البرلمان ورئيسه “مؤشر على حدوث قطيعة نهائية بين مؤسستي الرئاسة ومجلس نواب الشعب”.
كما يستبعد هؤلاء أن تقود المواقف الدولية الأخيرة من الأزمة السياسية إلى عودة العلاقات بين الطرفين بما يفضي إلى عودة البرلمان إلى سالف نشاطه.
فصول جديدة في المعركة
أنهى سعيد، بأوامر رئاسية نُشرت بالرائد الرسمي، تكليف القيادي بحركة النهضة، أحمد المشرقي، بمهام رئيس ديوان رئيس مجلس نواب الشعب.
كما شملت الأوامر الرئاسية ذاتها إنهاء تسمية 4 مكلفين بمأمورية بديوان رئيس البرلمان، وهم وسيم الخذراوي وأسماء الجمازي وجمال العوي، إلى جانب محمد الغرياني الذي شغل أيضا قبل ثورة 2011 مناصب عليا في حزب الرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي.
وجاءت هذه الإقالات بعد أقل من شهر واحد على من وقف الرئاسة التونسية كافة “المنح والامتيازات المسندة لرئيس مجلس نواب الشعب وأعضائه”.
كما مددت الرئاسة إلى أجل غير مسمى قرار تعليق جميع اختصاصات البرلمان مع مواصلة رفع الحصانة عن نواب الشعب البالغ عددهم 217 نائبا.
وفي الـ25 من يوليو الماضي، اتخذ الرئيس سعيد إجراءات استثنائية أقال بموجبها رئيس الحكومة، هشام المشيشي، وجمّد مؤسسة البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، في خطوات وصفتها المعارضة بـ” الانقلاب”، الأمر الذي نفاه سعيد مرارا.
القطيعة النهائية
وتعليقا على الإجراءات الرئاسية الأخيرة، قال المحلل السياسي، باسل الترجمان، إن إقالة مساعدي الغنوشي في البرلمان جاء على خلفية تجميد أشغال البرلمان، ما يجعل من مسألة وجودهم في هذه المؤسسة وتقاضيهم أجورا أمر “غير مبرر”، واصفا قرار وقف المنح المالية عن النواب بـ”الإجراء المتناسق على اعتبار أن الأجر يُدفع مقابل إنجاز عمل”.
وأشار الترجمان، في تصريح لـ”أصوات مغاربية”، إلى “حدوث قطيعة نهائية بين الرئيس سعيد والغنوشي انطلقت قبل أشهر حين رغب هذا الأخير في جعل الرئيس خاضعا له”.
وتابع المحلل ذاته “لن تحدث عودة سياسية ولا قانونية لمرحلة ما قبل 25 يوليو، ويمكننا القول إن البرلمان فقد شرعيته ومشروعيته أمام الشعب التونسي بعد مصادقته على قوانين أضرت بمصالحه”.
وقلّل المصدر نفسه من إمكانية تأثير المواقف الدولية الأخير على موقف الرئيس سعيد من مؤسسة البرلمان، مؤكدا أن “حركة النهضة تحاول استثمار هذه البيانات لإقناع قواعدها بأنها لا تزال مدعومة من الغرب”.
وكان الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، قد شدد، الجمعة، في اتصال هاتفي مع الرئيس التونسي على أهمية “وضع جدول زمني واضح المعالم للعودة إلى النظام الدستوري في تونس على أساس الفصل بين السلطات ، واحترام سيادة القانون والديمقراطية البرلمانية ، والحفاظ على الحريات الأساسية”.
نهاية البرلمان
من جهته، استبعد المحلل السياسي، منذر بالضيافي، حدوث تسوية بين مؤسستي الرئاسة والبرلمان، قائلا في تصريح لـ”أصوات مغاربية” إن “البرلمان قد انتهى ولا يمكن الحديث عن عودته لعدة اعتبارات من بينها أن رئيس الدولة بنى سردية 25 يوليو على اعتبار هذه المؤسسة خطرا داهما”.
ومن وجهة نظر المحلل ذاته فإن “الرأي العام الشعبي لم يعد يرغب بدوره في إنهاء قرار تجميد البرلمان بعد أن بات يُنظر إليه كأحد أبرز علامات فشل المنظومة السياسية”.
وفسّر بالضيافي عدم إقدام سعيد على حل البرلمان بـ”رغبة الرئيس في إطالة أمد هذه الفترة الاستثنائية والاستفادة منها في ترتيب مشروعه السياسي، دون الاصطدام بالدعوات إلى إجراء انتخابات مبكرة”.
وبشأن المواقف الدولية الأخيرة الداعية إلى استئناف المسار الديمقراطي والدستوري ومدى تأثيرها على خطط سعيد، اعتبر المتحدث نفسه أن “عدة دول من بينها الولايات المتحدة طالبت بالعودة إلى المسار الدستوري وهذا لا يعني إعادة تفعيل البرلمان السابق بقدر مطالبتها بخارطة طريق سياسية واضحة المعالم”.
وكان المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد براس، قد رحّب، الثلاثاء الماضي، بتشكيل الحكومة التونسية الجديدة التي تقودها نجلاء بودن، معبرا عن تطلع بلاده إلى “تلقي المزيد من البلاغات عن إرساء مسار يشمل الجميع من أجل عودة سريعة إلى النظام الدستوري”.
Comments