مخاض تشكيل "حكومتنا العتيدة" .. "ربي يسهل" !
خديجة زروق
أصبح تشكيل الحكومة الجديدة أقرب إلى سراب كلما توهم المرء أنه بلغه ابتعد عنه. فبعد أن أعلن محيط الحبيب الجملي أنه من الوارد جدا عرض التشكيلة التي اختارها رئيس الحكومة المكلف اليوم السبت 28 ديسمبر الجاري عاد العداد مساء اليوم إلى نقطة الصفر بعد أن رفض رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال استقباله لرئيس الحكومة المكلف بعض الأسماء مثلما أشارت تسريبات وتقارير اعلامي متطابقة التي أشارت أيضا الى تحفظ رئاسي على اسم فاضل عبد الكافي من خلال التحفظ على علاقته ببعض الملفات و اعتباره أن التعاون الدولي الذي كان عبد الكافي مرشحا لتوليها هو بحكم تعامله أساسا مع الدول و المستثمرين الأجانب يعود بالنظر إلى رئيس الجمهورية لأن العلاقات الخارجية من مشمولاته.
و إذا كان الحبيب الجملي يبدو ظاهريا غير منزعج من تمطط مسار تشكيل الحكومة و هو الذي اعتبر أنه سيحقق ما اختير من اجله “وقت يسهل ربي” فإن تقلبات اليوم و تدخل قيس سعيد في ما يراه المتابعين يرتقي الى تدحل “يتجاوز صلاحياته” من خلال دعوة الجملي للحوار مرة أخرى مع التيار الديمقراطي و حركة الشعب.
مما تقدم يبرز اننا نتجه نحو منطقة الأزمة و الاستعصاء في ظل تناقض الرؤى و الحسابات بين عدد من أهم الفاعلين السياسيين. ذلك أن توتر العلاقة بين قيس سعيد و راشد الغنوشي لم يعد سرا على أحد، و اذا كان الغنوشي قد ابعد مطلع الأسبوع قيس سعيد من مسار تشكيل الحكومة، فإن رئيس الجمهورية قد اكل اليوم طبق الانتقام دون أن يبرد كثيرا، من خلال إفشال فرح الغنوشي و استعداده لاستقبال الحكومة الجديدة في مجلس نواب الشعب، غدا السبت.
لا شك أن الحبيب الجملي قد وجد نفسه في وضعية تجاذب بين قرطاج و باردو . و لكن يبدو أنه يحاول استغلال صراع وتناقض الرئاستين، ليجد لنفسه موقعا يخرج به من وضعية “التابع ” للغنوشي، الذي يحاول المتابعون حشره فيه، و قد بلغ به هذا السعي، حد “الخروج “عن طاعة رئيس الحركة التي أخرجته من الظل و جعلته من أهم الفاعلين السياسيين في المرحلة.
ذلك أن في مسايرته لرغبة قيس سعيد اليوم شيئا من التواطؤ ضد الغنوشي الذي لم يكن متحمسا لاختياره من قبل مجلس شورى حركة النهضة الذي لم يساير رئيسه الذي كان راغبا في ترشيح شخصية من خارج الحركة لتشكيل الحكومة.
وهو ما يكشف على أن الصراعات داخل حركة النهضة التي لم تعد مخفية على الرأي العام تلقي بظلالها على مخاض تشكيل الحكومة إذ يبدو أن حدة هذه الصراعات قد جعلت الحبيب الجملي يرفض بعض رغبات راشد الغنوشي بل يقاطعه أحيانا خاصة و أن بعض القيادات النهضوية تحمل راشد الغنوشي مسؤولية تعثر مسار تشكيل الحكومة إذ أعاد إلى الصفر المفاوضات من أجل إدماج التيار و الشعب بعد أن وقع إعداد حكومة بدونهما لتفشل لاحقا ويعود لقلب تونس.
و إلى جانب هذه التجاذبات هناك حديث في الكواليس عن دور “معطل” يقوم به رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد الذي استطاع حسب ما تذهب اليه عدة مصادر التأثير على رئيس الجمهورية ليرفض بشدة مشاركة قلب تونس او المقربين منه في الحكومة، وهنا نذكر باتهام النائب ورئيس كتلة “الاصلاح” حسونة الناصفي للشاهد بأنه يلعب في الخفاء دورا سلبيا في إعاقة تشكيل الحكومة حتى يقع “الاستنجاد ” به كمنقذ يتولى رئاسة الحكومة في صورة الذهاب لسيناريو “حكومة الرئيس”.
Comments