مرة أخرى : عسكريون فرنسيون يوجهون رسالة “مستعجلة” إلى ماكرون
التونسيون- وكالات
بعد نشر مقال أول أثار جدلا كبيرا في فرنسا ويواجه بعض موقعيه عقوبات، أصدرت مجلّة “فالور أكتويل” المحافظة المتشددة مساء الأحد مقالا جديدا “من أجل بقاء بلادنا”، كتبه هذه المرة عسكريون في الخدمة لم يفصحوا عن أسمائهم وفتحوه لجمع التواقيع.
وتخطى عدد الموقعين على المقال 36 ألف شخص بعيد الساعة 1,00 ت غ، بحسب وكالة فرانس برس.
وجاء في المقال الموجه إلى الرئيس إيمانويل ماكرون والوزراء والنواب وكبار الموظفين “تحركوا، الأمر لا يتعلّق هذه المرة بمشاعر رهن الطلب أو صيغ مبتذلة أو أصداء إعلامية. ليس المطلوب تمديد ولاياتكم أو الفوز بولايات أخرى. بل ما هو على المحك هو بقاء بلادنا، بلادكم”.
وأوضح واضعو المقال إنهم “انتسبوا مؤخرا إلى السلك” العسكري ولا يمكنهم “طبقا للتنظيمات” إبداء رأيهم “مكشوفي الوجه”.
وعلق وزير الداخلية جيرالد دارمانان الإثنين على المقال فندد بـ”مناورة فظّة”، منتقدا افتقار واضعي النص إلى “الشجاعة”، وقال ساخرا “إنهم أشخاص مجهولو الهوية. هل هذه شجاعة؟ ألاّ يفصحوا عن هوياتهم؟”، وأضاف “كم هو غريب ذاك المجتمع الشجاع الذي يعطي الكلام لأشخاص لا يكشفون هوياتهم. وكأننا على شبكات التواصل”.
وكتب واضعو المقال معرّفين عن أنفسهم “نحن من أطلقت عليهم الصحف اسم (جيل النار). رجال ونساء، عسكريون قيد الخدمة، من جميع القوات وجميع الرتب العسكرية، من جميع التوجهات، نحن نحب بلادنا. هذا هو إنجازنا الوحيد. وإن كان لا يمكننا طبقا للتنظيمات التعبير عن رأينا مكشوفي الوجه، فلا يسعنا كذلك لزوم الصمت”، وكتبوا “سواء في أفغانستان أو مالي أو إفريقيا الوسطى أو مواقع أخرى، واجه عدد منّا نيران العدو. وبعضنا خسر فيها رفاقا. ضحّوا بحياتهم للقضاء على النزعة الإسلامية التي تقدمون لها تنازلات على أرضنا”.
وأكد الموقعون “عرفنا جميعا تقريبا عملية (سانتينيل)” التي تم نشرها غداة اعتداءات 7 و8 و9 كانون الثاني/يناير 2015 للتصدي للخطر الإرهابي في فرنسا، وتابعوا “شاهدنا خلالها بعيوننا الضواحي المهملة، الترتيبات مع الجانحين. تعرضنا لمحاولات استغلال من عدة مجموعات دينية لا تعني لها فرنسا شيئا عدا كونها موضع سخرية وازدراء، بل حتى كراهية”.
وكانت المجلة نشرت في 21 نيسان/أبريل مقالا أثار صدمة ناشد فيه “نحو عشرين جنرالاً ومئة ضابط رفيع المستوى وأكثر من ألف عسكري آخرين” الرئيس ماكرون الدفاع عن الحس الوطني، مبدين “استعدادهم لدعم السياسات التي تأخذ في الاعتبار الحفاظ على الأمة”.
وأثار ذلك المقال جدلا حادا داخل الطبقة السياسية، فندد البعض بنص أشبه بدعوة إلى التمرد، فيما حيّا آخرون انتفاضة ستنقذ البلاد.
وفي 21 أفريل الفائت، نشرت “فالور أكتويل” مقالاً أثار صدمة في البلاد ووقّعه، وفقاً للمجلة، “حوالى عشرين جنرالاً ومئة ضابط رفيع المستوى وأكثر من ألف عسكري آخرين” ناشدوا فيه الرئيس إيمانويل ماكرون الدفاع عن الحسّ الوطني وأعربوا عن استعدادهم “لدعم السياسات التي تأخذ في الاعتبار الحفاظ على الأمّة”.
ويومها شنّ العسكريون في مقالهم هجوماً شرساً على “التفكّك” الذي يضرب برأيهم وطنهم و”يتجلّى، عبر شيء من معاداة العنصرية، بهدف واحد هو خلق حالة من الضيق وحتّى الكراهية بين المجموعات”، محذّرين من أنّه “تفكّك يؤدّي مع الإسلاموية وجحافل الضواحي، إلى فصل أجزاء عديدة من الأمة لتحويلها إلى أراض خاضعة لعقائد تتعارض مع دستورنا”.
وبعد يومين على نشرها هذا المقال-الصدمة أفردت المجلة نفسها صفحاتها لرسالة من مارين لوبن زعيمة حزب التجمّع الوطني (أكبر أحزاب المعارضة، يميني متطرّف) تدعو فيها هؤلاء العسكريين إلى الانضمام لها في “عملها للمشاركة في المعركة التي بدأت وهي قبل كل شيء معركة فرنسا”. مضيفة “بصفتي مواطنة وسياسية، أقر بتحليلاتكم وأشارككم حزنكم”.
وأثار مقال العسكريين عاصفة من ردود الفعل المتضاربة في أوساط الطبقة السياسية في فرنسا، إذ رأى فيه البعض دعوة شبه علنية إلى التمرّد في حين اعتبره آخرون حركة عفوية صحيّة.
ومن القرر أن يتخذ الجيش الفرنسي إجراءات تأديبية وعقابية بحق المجموعة.
وقال قائد الأركان الفرنسي، فرانسوا لوكوانتر، إن المؤسسة العسكرية ستتخذ إجراءات عقابية بحق هؤلاء، مشيراً إلى أن هناك 18 عسكرياً لا يزالون يمارسون مهامهم من بين الموقعين.
وقال لوكوانتر لوسائل إعلام فرنسية إنه يتمنى إنزال “عقوبات أقسى” بحق أصحاب الرتب العالية من بين العسكريين الـ 18 الذين تمّ تحديدهم، و”عقوبات أخف” بحق أصحاب الرتب الأصغر.
وندّد رئيس الوزراء جان كاستيكس بالخطوة التي أقدم عليها هؤلاء العسكريون، معتبراً أنّها “تتعارض مع كلّ مبادئنا الجمهورية”، ومتّهماً حزب التجمّع الوطني بمحاولة “التكسّب سياسياً” من هذا المقال.
ودان زعيم حزب فرنسا الأبية (يسار راديكالي) جان لوك ميلينشون “إعلان العسكريين المثير للدهشة” بينما رأى المرشح الإشتراكي السابق للانتخابات الرئاسية في 2017، بونوا هامون أن “20 جنرالا يهددون بشكل واضح الجمهورية بانقلاب عسكري”.
وكانت “فالور أكتويل” قد نشرت سابقا، عمودا للوزير السابق فيليب دي فيلييه بعنوان “أدعو إلى التمرد”. وتقول مصادر إن شقيقه بيار دي فيلييه الرئيس السابق لهيئة أركان الجيوش الفرنسية قد يترشح للانتخابات الرئاسية في 2022.
Comments