الجديد

مسار تشكيل حكومة المشيشي .. طاحونة الشيء المعتاد !

خديجة زروق

تدخل اليوم مشاورات تشكيل حكومة هشام المشيشي أسبوعها الثالث وسط تخوفات عبر عنها عدد من قادة الأحزاب السياسية أن يكوم مصيرها مشابه لحكومة الحبيب الجملي التي سقطت في البرلمان.

وهنا يعتب عدد من المراقبين للشهد السياسي وأيضا من داخل الأحزاب أن الرئيس المكلف أضاع الكثير من الوقت وأنه لم يدخل لحد الان في جوهر الموضوع”، وأن الرجل من خلال أسبوعين من اللقاءات الواسعة والممتدة، لا يكاد يختلف من حيث المنهجية عن اليات تشكيل الحكومات التي سبقت خلال العشر سنوات الأخيرة.

برغم الانتظارات الكبيرة التي لوحت عليه – وهو المعين من قبل الرئيس – الذي يشدد في كل مناسبة على أنه مختلف عن طرق ومنهجية الأحزاب في الحكم. فهل سيضفي المسار المتبع من قبل المشيشي هو ذاته الذي أتبع مع حكومات الجملي والفخفاخ، بما يعني أننا لم نغادر  “طاحونة الشيء المعتاد” الى حد الأن ، أم أن الرجل يعد لمفاجئة في الانتظار  تقطع مع ما سبق وأن تعودنا عليه؟

لا شك أن عملية تشكيل الحكومة الجديدة يمثل إذا ما نظرنا إليه من زاوية إيجابية فرصة لإعادة النظر في بعض ” التوجهات ” غير الموفقة التي وقع تبنيها في التجارب السابقة عند تشكيل الحكومات في السنوات الأخيرة.

يمكن اعتبار غلبة منطق المحاصصة الحزبية أحد هذه الأخطاء و لكن التعمق في دراسة المسألة يبرز أن هذا الخطأ هو نتيجة منطقية لهيمنة تصور لا ينظر للمسألة إلا من جوانبها السياسية.

و الجانب السياسي بما يقوم عليه من إحترام المؤسسات و المواطنين من خلال إحترام نتائج الإنتخابات التشريعية مهم خاصة و أن تجربة الانتقال الديمقراطي في بداياتها و أن العمل على إلغاء الأحزاب قد يفتح الباب أمام انتكاسة قد تكون نتائجها أكثر سلبية من أداء الأحزاب السياسية حاليا و الذي يحتاج إلى تعهد بالنقد و التطوير.

لكن الانغماس حاليا في الجدل “السياسوي” يخفي قصورا عن استحضار حقيقة الرهانات التي تواجه التونسيين و التونسيات بالدرجة الأولى، و جهود هشام المشيشي لتشكيل حكومته بالدرجة الثانية.

هناك في المستوى السياسي تخوفات حقيقية على تجربة الانتقال الديمقراطي و على الأسس التي انبنت عليها ، و هو ما يحتاج إلى مقاربة جديدة يلتقي حولها أغلب الفاعلين السياسيين.

هناك أيضا شعور متنام بأن عملية التفريط في ما بقي من مفهوم السيادة الوطنية الذي سعت الدولة الوطنية قبل جانفي 2011 للحفاظ عليه  قد فقد أهميته لدى قطاعات واسعه من النخب السياسية سواء كانت في الحكم أو المعارضة و هو ما قد يخلق انطباعا بأن عملية الانتقال الديمقراطي تخضع إلى  ” الاكراهات ” الخارجية أكثر من التفاعل مع التوازنات الداخلية . و هناك تغييب في الجدل “السياسوي” المصاحب لعملية تشكيل الحكومة الجديدة للملفين الإقتصادي والاجتماعي و تعقيداتهما، و خاصة مسألة المديونية التي تمثل أداة رهن للقرار السياسي التونسي للخارج، و تحديدا للدوائر المتنفذة دوليا في هذا المجال و لحاضر و مستقبل البلاد.

لأنه “ارتهان”  يفرض إعادة إنتاج السائد و يحول دون التوجه نحو نمط تنمية بديل….هذا المفهوم الذي تحول لفرط استعماله إلى ما يشبه السراب الذي يلوح به السياسيون كشعار دون أن تكون لديهم الرغبة او القدرة على تحويله إلى واقع.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP