مشروع الدستور الجديد و الحقوق الاقتصاديّة و الاجتماعية
نجيب الدزيري
تميّز هذا الدستور عن دستور 1959 و دستور 2014 بالتركيز على الحقوق الاقتصاديّة و الاجتماعية إلى حدّ تثوير مفهوم المواطنة الشكلية التي تمّ اختزالها في الحقوق و الحريات الفرديّة و العامّة و ذلك من خلال ما ورد في الأحكام العامّة (الفصول من 16 إلى 19 ) و في باب الحقوق و الحريات الفصول 43و44 و الفصول من 46 إلى 48 و الفصول 53 و 54 .
كلّ هذه الفصول تحمّل الدولة مسؤوليتها في توفير الشروط الموضوعية للعيش الكريم و تحقيق الكرامة الانسانية .
في المحصّلة تعلن دسترة الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية بهذا الشكل عن ميلاد الجمهوريّة الجديدة : الجمهوريّة الاجتماعية بكلّ المقاييس.
مشروع الدستور الجديد و المحافظة على الطابع المدني الحداثي للدّولة
خلافا لما يقع الترويج له من خلال التأويلات السياسويّة للفصل 5 و تسويقه كنقيض للدولة المدنية الحداثية في حين أنّ هذا الفصل يقدّم معاينة سوسيولوجية تتمثّل في اعتبار الأمّة جزء من الأمّة الاسلامية و في مقابل ذلك وردت عبارة للدولة وحدها بما يحيلنا على الدين الرسمي المنضوي تحت إشراف الدولة بما يقطع الطريق أمام الأحزاب الدينية و تجارة الدين و ممّا يرسّخ محافظة الدستور الجديد عن الطابع المدني الحداثي للدولة الفصل 27 الذي ورد صريحا في احترام حريّة المعتقد و حرّية الضمير و الفصل 28 الذي يفرض احترام الأمن العام في ممارسة الشعائر الدينية و الفصل 51 المتعلّق بالمحافظة على مكاسب المرأة و دعمها و ضمان التناصف و القضاء على العنف ضدّ المرأة .
الفصل 49 المتعلّق بالثقافة إذ يدعو إلى تكريس قيم التسامح و الانفتاح على مختلف الثقافات.
مشروع الدستور الجديد و تغيير النظام السياسي
على خلاف دستور 59 الذي يكرّس هيمنة مطلقة لمؤسّسة الرئاسة و دستور 2014 الذي يفتّت السلطة جاء هذا الدستور متوازنا يمركز السلطة التنفيذية بيد الرئيس عوضا تقاسمها مع رئيس الحكومة دون تغوّل أو انفراد و يعطي لمؤسّسة مرونة ضرورية لتحقيق النجاعة في العمل الحكومي و ينأى بها عن الارتهان للصراعات و المحاصصات الحزبية كما حصل في السابق .
تحوّلت الدولة من الدول ذات المجلس للدول ذات المجلسين من خلال إحداث مجلس الجهات و الأقاليم في إطار الدفع نحو ديمقراطية مباشرة تقطع الطريق أمام سطوة الماكينات الحزبية القادرة على استعادة المشهد في كلّ لحظة .
ورد في هذا الدستور العديد من الفصول التي تدرج لأوّل مرّة ضمانا لجديّة العمل السياسي الذي وقع ترذيله بالفراغات الموجودة في دستور 2014 .
قابليّة وكالة النائب للسحب الفصل 61
قطع الطريق أمام السياحة الحزبية الفصل 62
الارتقاء بالسلوك السياسي للنائب الفصل 66.
آخر ملاحظة تتعلّق بطبيعة الصياغة التي وردت دقيقة بما يخالف دستور 2014 الذي كان فيه باب التأويل واسعا (للتذكير أزمة تعيين وزراء المشيشي).
Comments