مصطفى بن جعفر ل “الخبر الجزائرية”: “تخلصنا من المستبد بن علي وليس من النظام “
اجابة عن سؤال حول ماذا بقى في ذاكرته بعد 10 سنوات من الثورة، طرحه عليه الصحفي الجزائري عثمان لحياني، ونشر اليوم ضمن حوار مطول في جريدة “الخبر” الجزائرية، قال القيادي والمؤسس لحزب “التكتل” ورئيس المجلس الوطني التأسيسي، مصطفى بن جعفر :
انت تعيدُني إلى لحظة فارقة، في الحقيقة كان شعورا بالارتياح لشيئين، أولهما هروب الطاغية، البلاد تخلصت في تلك اللحظة من نظام بوليسي مستبد كان في مرحلته الأخيرة أكثر استبدادا، ومن حكم نظام فاسد، كل المعلومات في تلك الفترة كانت تفيد بأن العائلة كانت تريد بكل الوسائل أن تستحوذ على ثروة البلاد وتحويلها لصالح زمرة ضيقة، جشع العائلة وطمعها في كل شيء دفعا النظام إلى خسارة حتى قاعدته الخاصة برجال الأعمال التي كان يعتمد عليها”.
وتابع بن جعفر قائلا: “الارتياح الثاني أن الثورة كانت دون عنف، ولو تعنت بن علي في الحفاظ على السلطة لكان الثمن باهظا، ولكانت مجزرة أكبر مما حصل. فرغم قيمة أي روح بشرية، فإن قرابة 350 شهيد عدد معقول بالنسبة لثورة قامت لتغيير نظام والتخلص من نظام مستبد وإقامة نظام ديمقراطي جديد، مقارنة مع تجارب أخرى. أعتقد أن “ثورة دون عنف” كانت من خصوصيات الثورة التونسية وما تلاها، لا ننسى أن الثورة التونسية لم تكن لها قيادة، وقوى المنظمات الاجتماعية أو الأهلية والمجتمع المدني والأحزاب، خاصة التي ناضلت من أجل التخلص من الدكتاتورية ومن أجل الحريات وحقوق الإنسان، تلقفت الثورة وحاولت أن تنسجم معها، لا ننسى أن الثورة كانت بالأساس ذات أهداف اجتماعية، وبالطبع الحرية والديمقراطية، وكانت المفاجأة التي لم يكن ليصدقها أحد، أن يمتطي بن علي الطائرة ويهرب تاركا البلاد، وبهذا تم تجنيب البلاد حمام الدم بأي شكل من الأشكال، وتجنّبنا الفوضى”.
كما اشار “أنا دستوري، كان يمكن لي في 1970 أن أكون وزيرا، لكني اخترت أن أخرج من الحزب عندما تأكدت أن الإصلاح من داخله لم يعد ممكنا. في السبعينات أسسنا حركة الديمقراطيين الاجتماعيين برئاسة الزّعيم أحمد المستيري، كان موقفنا هو النّضال من أجل مجتمع المواطنة، وأسسنا الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، ودافعنا عن اليساريين عندما سُجنوا، ودافعنا عن الإسلاميين عندما تم اضطهادهم. المبدأ واضح هو أن الحريات لا تتجزأ، ولا توجد فيها مساومة، لذلك كان تاريخ 14 يناير 2011 لحظة للتخلّص من المستبد، لكن ليس من النظام المستبد ككل، لأن ثقافة الاستبداد واحتكار الرأي والانفراد بالقرار تبقى موجودة، أو ما نسميه “الدولة العميقة”.. كنا واعيين أن هروب بن علي لا يخلّص البلاد من الفساد والاستبداد، كنا ننتظر سنوات صعبة وهذا ما حصل، هذه هي التصورات التي كانت تتلقفني في جانفي 2011.”.
كما تطرق الحوار الى قضايا هامة، وهو يعد شهادة مهمة على مرحلة ما بعد ثورة 14 جانفي 2011، وهنا قام بن جعفر بنقد شديد لفترة حكم الرئيس الباجي قايد السبسي، وتطرق الى خصوصية المسار الثوري في تونس، الذي قال انه تجنب الاقصاء وجنح الى “التفاوض”، فضلا عن التعليق على حالة اليأس من الثورة واسباب ذلك.
وتناول الحوار تقييم لتجربة حركة النهضة الاسلامية بعد الثورة، وهو الذي كان شريكا لهم في الحكم زمن حكم الترويكا، وبالمناسبة أكد بن جعفر على ضرورة الاستمرار في تشريك الاسلاميين في الحياة السياسية، وبالتالي المراهنة على ادماجهم بدل اقصائهم.
Comments