مقاومة الإرهاب .. الدودة في الثمرة
هشام الحاجي
تطرح مع كل عملية إرهابية عدة تساؤلات تطال كل المجالات التي تتصل بالظاهرة. و لا شك أن كل عملية إرهابية تحيل بشكل مباشر إلى السياق السياسي الذي تتنزل فيه و إلى دور الطبقة السياسية في القضاء على الإرهاب.
من هذه الزاوية فإن العملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت ا/س الجمعة 6 مارس 2020 محيط السفارة الأمريكية تفتح باب السؤال على مصراعيه في ما يتعلق بقدرة الطبقة السياسية على تكريس حالة من الوحدة الوطنية تدعم جهود المؤسسة العسكرية و الأمنية في حربها ضد الإرهاب.
أغلب المؤشرات تصب -للأسف – في اتجاه التشكيك في قدرة الطبقة السياسية على الدفع في اتجاه الالتقاء حول قواسم مشتركة تمثل أرضية واحدة في مقاومة الإرهاب. و قبل التوقف عند بعض المؤشرات من المهم الإشارة الى أن التونسيين يعيشون منذ سنوات حالة انقسام ما انفكت تتسع حول السردية التي يتعين الانخراط فيها لتفسير ما حدث منذ 14جانفي 2011 إلى حد الآن.
وذلك مرده عدم بروز اكتمال “ثمار ” الثورة و عدم تشكل ملامح النظام السياسي الجديد هذا دون أن ننسى استمرار فاعلية المقاربات التي تخلق تعارضا بين الديمقراطية و ما يتصل بها من ممارسة الحريات و الانضباط للقانون و للضوابط الضرورية للعيش المشترك.
انقسام الطبقة السياسية و “استخفافها ” بالملفات الحارقة و من بينها مقاومة الإرهاب تجسد في العجز منذ سنة 2016 على تنظيم مؤتمر وطني حول الإرهاب و في عدم التقدم خطوة واحدة في تنفيذ برامج خصوصية في التصدي للإرهاب لأن الاعتمادات التي رصدت لأغلب الوزارات للغرض قد صرفت في مجالات أخرى.
هذه الخلفية التي يمكن اعتبارها هيكلية تتساوق حاليا مع حالة صراع يبرز يوما بعد يوم بين رئيس الجمهورية قيس سعيد و رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي و انتشار الخطاب الشعبوي الذي يدغدغ المشاعر و الانفعالات و غالبا ما يوفر عن وعي او عن غير وعي أرضية خصبة للتعايش مع الإرهاب إذ يبسطه و يعومه في مناخ عنف الخطاب و الإقصاء المتبادل.
و لا شك أن ما يعيش على وقعه مجلس نواب الشعب من عنف لفظي و من انتشار لمناخ الكراهية و العداوة بين الأحزاب السياسية يعيق إمكانية الالتقاء حول قواسم مشتركة تمثل أرضية مشتركة في مقاومة الإرهاب.
Comments