منذر بالضيافي يكتب: طوفان الأقصى: “عجز القوي” و “صمود الضعيف” .. و “غموض” الموقف العربي!
منذر بالضيافي
بعد عشرة ايام من الهجوم المقاوم من غزة، و رد الفعل الانتقامي من تل ابيب، يتراجع سيناريو ” التهجير” و ” النكبة” بفعل الصمود . الأسطوري للفلسطينيين، ومقاومتهم لإعادة انتاج سيناريو “نكبة ثانية” وجديدة.
لكن، كيف يبدو المشهد في منطقة الشرق الاوسط في ظل ثنائية “عجز القوي” و ” صمود الضعيف” و “تردد” الموقف العربي، لحد “الغموض” ؟
هناك تحركات لكل ” الفاعلين” التقليديين في علاقة بالصراع العربي الاسرائيلي ، وايضا المهتمين من الخوف من سيناريو تمدد الصراع الى كامل المنطقة ( الشرق الاوسط و دول الخليج).
وهو سيناريو وارد، برغم سعي الجميع لتجاوزه وتفاديه، لأنه لو حصل سيدخل لا المنطقة فقط بل العالم في اتون حرب مخيفة في منطقة تحوز على مركز الطاقة – البترول والغاز – المحرك للاقتصاد العالمي .
وهنا تجدر الاشارة الى ان مطلب ايقاف الصراع في حدود غزة و ” غلافها”، ليس بيد طلاب ” السلم” ( الذي جرب مع اوسلو و دفن مع عرفات ) اساسا الولايات المتحدة و الدول العربية المطبعة او التي في طور التطبيع .
اذ ان كل ورقات هذا السيناريو ( حصر الحرب بل الدمار في غزة ) لا تمتلكها ” القوى” التي تنادي بالمطلب هذا ، وهو يبقى بيد المقاومة و داعميها اساسا ايران وكذلك الشعوب الداعمة للحق الفلسطيني، التي انتفضت في كافة أنحاء العالم، ضد العدوان الإسرائيلي و الدعم الأمريكي و الغربي و الصمت العربي.
وبرغم “الحصار المركب” لغزة وللقضية الفلسطينية، فان حبل استمرار الجريمة قصير، وسيفرض حلول من فوق الأرض ومن تحتها، وكل يوم في العدوان هو لصالح القضية العادلة وشعبها الذي يتعرض لعملية ابادة ممنهجة وبمباركة دولية، وسيكون فتح معبر رفح و فتح طريق آمن للمساعدات، حتى وان طال التقتيل بمثابة اختراق و ” نصر” لغزة ، وسقوط لسيناريو اعادة انتاج النكبة .
وهنا تجدر الاشارة الى ان مطلب ايقاف الصراع في حدود غزة و ” غلافها”، ليس بيد طلاب ” السلم” ( الذي جرب مع اوسلو و دفن مع عرفات ) اساسا الولايات المتحدة و الدول العربية المطبعة او التي في طور التطبيع .
النتيجة على الارض، برغم الدمار والبربرية التي تمارس على غزة، فان إسرائيل و حلفائها ودعاة “السلام” وفق الوصفة “الأوسلوية” نسبة الى اتفاق أوسلو، في موقف اقل ما يقال فيه انه ضعيف ومدان سياسيا واخلاقيا، ومع مرور الوقت ستصبح كل هذه ” القوى” محرجة بل ومدانة، وهذا ما بدأ يحصل فعلا، خاصة بعد جريمة المستشفي الذي ذهب ضحيتها أكثر من 500 قتيل.
الثابت ان القوى الأساسية في المنطقة لا تريد أن يمتدّ الصراع إلى أجزاء أخرى، لكنها عالقة في مواقف قد تقودها نحو الاتجاه المعاكس.. وهذا ما تؤكده ضبابية المواقف العربية خاصة موقف مصر، التي قال رئيسها أنه ضد التهجير لسينا ، لكنه اقترح صحراء النقب، بما يشير الى أنه قد يكون مع “فكرة التهجير”، وهو “خطأ سياسي واتصالي”، خارج سياق الحدث و يشوش عليه أصلا، حتى وان لم يقصده.
بالمناسبة، ودون “عنتريات” وبكل واقعية سياسية واستنادا لموازين القوى على الأرض، نقول أن الموقف العربي ( دول المواجهة ) وفي رصد اولي ، فإنها بدت لنا و على خلاف ما يتصوره البعض من ” المتحدثين في الاعلام”، أكثر “معقولية” وفهما لما يحدث في علاقة أساسا باستمرارها في الحكم، فضلا عن وجود ادراك لدى هذه الأنظمة مفاده أن الحرب التي مسرحها غزة معقدة وذات ابعاد تتجاوز المدينة الصغيرة والمحاصرة.
صراع يتداخل فيه الاقليمي بالدولي وايضا بالجيو استراتيجي، لذلك فإنها – دول المواجهة العربية – تخضع مواقفها لحسابات دقيقة منها التقليدي – موازين القوى وخاصة العسكرية- ومنها ما يخضع لما بدأ يبرز معلنا عن نفسه من خلال مؤشرات دالة، لا تزيغ عن العين المجردة، واعني هنا بداية تراجع النفوذ الامريكي، في منطقة الشرق الاوسط والخليج العربي، جعل هذه الدول وأهمها المملكة العربية السعودية، تجنح نحو “تنويع” شراكاتها.
ولعل جولة وزير الخارجية الماراثونية في المنطقة ، ومن خلال المواقف المعلنة من القاهرة و الرياض و الاردن، تكشف عن وجود موقف عربي غير خاضع لإملاءات واشنطن و تل ابيب مثلما كان الحال عليه في حروب سابقة، في انتظار تأكيد ذلك بعد زيارة الرئيس الأمريكي بايدن الداعمة لاسرائيل.
موقف عربي – وان ينقصه التنسيق والتضامن- فانه على كلمة واحدة وهي: ” لا للتهجير”، ” لا لللاجئين”، ” لا لنكبة جديدة” … وذلك بعيدا عن ” العنتريات”، ومتمايز عن الموقف الايراني الذي يلوح بالتصعيد، ومنسجم حد التطابق مع الموقف التركي، العضو في الأطلسي و الذي تربطه علاقات ديبلوماسية بإسرائيل.
جولة وزير الخارجية الماراثونية في المنطقة ، ومن خلال المواقف المعلنة من القاهرة و الرياض و الاردن، تكشف عن وجود موقف عربي غير خاضع لإملاءات واشنطن و تل ابيب مثلما كان الحال عليه في حروب سابقة، في انتظار تأكيد ذلك بعد زيارة الرئيس الأمريكي بايدن الداعمة لاسرائيل.
هكذا نقرأ موقف الدول العربية المعنية مباشرة بالصراع العربي الاسرائيلي ( مصر، الاردن و السعودية )، وهو موقف يعبر عن انتصار للقضية و وعي بأهميتها ومركزيتها، ور فض للخضوع و الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الامريكية، في حاجة للبرهنة أكثر.
موقف خال من الاستعراض و المغامرة – عبر دق طبول الحرب – ومؤمن بالسلام ومدرك لحقيقة الوضع الجيوسياسي في المنطقة وفي العالم
موقف سيكون ” وازن” في تحديد مآلات وتداعيات عملية طوفان الأقصى، اذا استمر في التمسك ب “اللاءات الثلاث “: لا للتهجير، لا لللاجئين ولا لنكبة جديدة.
Comments