الجديد

منذ عام 1989: بيان عربي يتيم دفاعاً عن رشدي و”حقه في الحياة والكتابة”  

بعد أن أصدر مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية الخميني عام 1989 فتواه الشهيرة بقتل الكاتب البريطاني من أصل هندي سلمان رشدي، ردت مجموعة من الكتاب العرب بأول وآخر بيان عربي يندد بالفتوى ويدافع عن “حق الكاتب في الحياة“.

ونشر البيان الذي وقعه المثقفون العرب، غالبيتهم من السوريين، في صحيفة السفير اللبنانية في 24 آذار/مارس 1989، بمبادرة من الفيلسوف السوري صادق جلال العظم الذي كرّس للحدث برمته كتابين بعنوان “ذهنية التحريم” و”ما بعد ذهنية التحريم”.

واتهم المثقفون “قوى الظلام” بمواصلة جهادها ضد العقل والمدافعين عنه وبلوغ هذا الجهاد ذروته بتكريس “جائزة لمن يقطع رقبة سلمان رشدي”. وأكد البيان أنه لا يدافع بالضرورة عن الكتاب، بل “عن الكاتب وحقه في الحياة والكتابة معاً” باعتباره “ضرورة حيوية لا يتحقق الوجود الإنساني إلا بها، ونعني الحرية”.

وندد البيان بـ”استثمار” من سمّاها بـ”القوى الظلامية” في الدين لا بقصد الدفاع عن “الله والتعاليم السماوية” بل “من أجل الدفاع عن مواقعها الخاصة والمصالح الاجتماعية التي ترى في استمرار الوهم والتفكك العقلي أساساً لبقائها”.

وعاب البيان على سلطات إصدار الفتاوى تحركها السريع و”استنفار موروثها الظلامي ضد سلمان رشدي” في الوقت الذي لا تحرك فيه “ساكناً وهي ترى تراث المسلمين ينتهك كل ساعة بالتبعية والجوع والسجون والأمية” وغير ذلك.

وقرر الموقعون أن “الخطر على الشعوب الإسلامية لا يأتي من كتاب سلمان رشدي (…) بل من قوى جاهلة غير مسؤولة تزور حقيقة الدين لكي تنشر القتل والإرهاب (…) مستقوية بأعداء العقل والإنسان الذين يريدون لشعوبنا أن تظل غارقة في ظلمات الجهل والخرافة”.

ولفت البيان إلى أن الاستنكار الغربي لفتوى الخميني “ليس بريئاً” وأن مواقف القوى الغربية “المؤيدة لكل ما هو متخلف ورجعي وتبعي (…) معروفة وواضحة”، مؤكداً على الدفاع عن “حق سلمان رشدي في الحياة والكتابة (…) وحق كل إنسان في الحياة والحرية والتفكير والتفتح الإنساني”.

وقع البيان في ذلك الحين:

عبد الرحمن منيف، سعد الله ونوس، صادق جلال العظم، فيصل دراج، غالب هلسا، محمد ملص، عمر أميرالاي، محمد كامل الخطيب، علي كنعان، نزيه أبو عفش، حسن م يوسف، سمير ذكرى، أسامة محمد، رضا حسحس، فاتح المدرس، ميشال كيلو، نائلة الأطرش، داود تلحمي، هند ميداني، هاني حوراني، أنطون مقدسي، شوقي بغدادي، سعيد حورانية، ممدوح عدوان، فالح عبد الجبار، عصام الخفاجي، الطيب تيزيني، نايف بلوز، أحمد برقاوي، وليد معماري، فاضل جكتر، هيثم حقي، خيري الذهبي، حيدر حيدر، أحمد مولا، عبد الرزاق عيد، وليد إخلاصي، عبد الكريم ناصيف، فتطمة المحسن، سامر عبد الله، محمد جمال باروت.

مثقفون في فرنسا والعالم يعبرون عن غضبهم

أثار الهجوم بالسكين على مؤلف “آيات شيطانية” هول المثقفين الفرنسيين وحول العالم وعبر الكاتب الأمريكي ستيفن كينغ على الفور عن غضبه قائلاً “أي نوع من الحمق هو ذلك الذي يطعن كاتباً (…)؟ نذل!”.

الصحافية والكاتبة النسوية الفرنسية كارولين فوريست قالت إنها “منزعجة” بعد تلقيها النبأ وشاركت مقطع فيديو مؤثر لحفل “سيزار” عام 1989 حين قرأت الممثلة الفرنسية إيزابيل أدجاني، وهي تتسلم جائزتها، مقتطفاً من رواية سلمان رشدي على خشبة المسرح تضامناً معه.

الفيلسوف الفرنسي برنار هنري ليفي المعارض بشدة لـ”الظلامية الإسلامية” أشاد بـ”صديقه” سلمان رشدي وقال على تويتر “لسوء حظ الحقير الذي طعنه، ليس لدى صديقي روح الشهيد. أراد أن يكون بلزاك وديكنز. وفي الواقع، لقد أصبح ما يريد. على هذا النحو، فهو خالد”.

وزير الثقافة الفرنسي السابق ومدير معهد العالم العربي في باريس جاك لانغ استذكر في حديث تلفزيوني كيف قرر عام 1992 نشر “آيات شيطانية” بالفرنسية. وقال “الكثير من الفرنسيين كانوا يخشون من رؤيته يأتي إلى باريس. قررت أن أدعوه ضد رغبات جزء كبير من الطبقة السياسية، الجبانة تماماً، والصحافة”.

 الصحافي ومقدم البرنامج الأدبي الفرنسي الأشهر في سنوات الثمانينات برنار بيفو تذكر عام 1996 عندما استقبل سلمان رشدي في برنامجه و”الشرطة كانت موجودة حتى على أسطح مبنى التلفزيون”. وتابع “بمرور الوقت، يجب أن تكون حمايته قد خففت. لكن كراهية الإسلام للكاتب لم تتضاءل أبداً”.

وكان رد فعل العديد من الشخصيات المناهضة بشدة للإسلاموية ومن بينهم الكاتب الجزائري كامل داود سريعاً وواضحاً. وقال داود “سلمان رشدي مطعوناً. وكل واحد منا مطعون معه”. ووصف داود نفسه بأنه “ضد أولئك الذين يريدون اختزال العالم في قصة واحدة، قصة إيمانهم المجنون” وأعرب عن “غضبه” ضد “الألف يد التي تحمل هذا النوع من الخناجر”.

الكاتب الفرنسي الجزائري محمد سيفاوي، المناهض “للإخوان المسلمين” وصاحب كتاب “تقية”، عبر عن استيائه بطعنمن رشدي وقال مستنكراً “الاعتداء الجسدي هو كل ما يتبقى لأولئك الذين ليس لديهم حجج ولا ذكاء ولا قيم”.

أما “ريس” مدير النشر في أسبوعية “شارلي إيبدو” الفرنسية فأبدى بأسلوبه الساخر المعتاد رأيه في جرائم القتل المتكررة والتي ترتكب باسم الإسلام بالقول: “حتى كتابة هذه السطور، لا نعرف دوافع منفذ الهجوم بالسكين على سلمان رشدي. هل انتفض ضد الاحتباس الحراري، أو ضد تراجع القوة الشرائية، أو ضد منع ري أحواض الزهور بالمياه بسبب موجة الحر؟”.

وتابع “سيتعين علينا أن نعيد ونكرر أنه لا يوجد شيء على الإطلاق يبرر فتوى أو حكماً بالإعدام على أي شخص بسبب أي شيء”.

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP