الجديد

منع النقاب في الادارات هل يكفي ؟

هشام الحاجي
اصدر رئيس الحكومة ، يوسف الشاهد، امس قرارا يمنع بمقتضاه ارتداء النقاب في الادارات و المنشآت العمومية .
هذا القرار لا يمكن بكل تأكيد عزله عن مناخ الحرب على الارهاب التي تخوضها بلادنا منذ سنوات، و التي حققت في الاشهر الاخيرة نجاحات لا يمكن باي حال من الاحوال انكارها، و التي تحتاج بكل تأكيد الى دعم.
لا يهمنا هنا الانخراط في تيار ” محاكمة النوايا “، الذي لا يرى في الخطوة التي اقدم عليها يوسف الشاهد، الا اجراءا يندرج في حملة انتخابية سابقة لأوانها،  او محاولة لسحب الاهتمام الاعلامي، من امضاء رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، على دعوة الناخبين للانتخابات الرئاسية و التشريعية، المقررة لنهاية السنة الجارية، وأصحاب هذا القول يتناسون، ان ادارة الدولة تتطلب اتخاذ اجراءات و قرارات باستمرار، خاصة حين يستدعي الظرف ذلك .
و لعل الظرف الحالي يستدعي خطوة مماثلة،  بل يمكن القول ان هذه الخطوة قد تأخرت، لما يوفره النقاب من امكانية التخفي بالنسبة للشخصيات الارهابية، التي قد تكون مطلوبة للعدالة ، و لما يمنحه من امكانية نقل اشياء قد تكون خطرا على الامن و عموم المواطنين.
و قد يتذرع البعض بداعي الحرية الشخصية، و لكن هذه الذريعة تتناسى امرا اشد اهمية، و هو ان العيش في مجتمع يفرض القبول بقواعد متعارف عليها للسلوك الاجتماعي، و للعيش المشترك، و الا تحول “الوجود الاجتماعي”، الى مجرد التقاء بين ذوات لا رابط بينها، و لا قواسم مشتركة بينها.
و من اهم القواسم المشتركة في المجتمعات الانسانية، تجنب المجهولية و ابراز الوجه، بوصفه اهم ما يدل على انسانية الكائن البشري، بوصفه جامعا لكل الحواس و الوظائف، التي يتواصل بها مع العالم الخارجي، و اخفاء الوجه هو من هذه الزاوية شكل من اشكال العنف الرمزي مع الاخرين، لأنه رغبة في عدم التواصل الشفاف معهم، و رسالة عدم ثقة فيهم و توجس منهم،  و هو ما يعني ان في ارتداء النقاب قطيعة رمزية مع الاخرين، تجعلهم من وجهة نظر مرتديه ، اقل قيمة من الناحية المعنوية و هو ما قد يبرر القطيعة معهم او استهدافهم بكل شكل من اشكال العنف.
و اذا كان منع ارتداء النقاب في الادارات و المؤسسات العمومية ايجابيا ، فانه من الضروري ان تعقبه خطوة اهم و هي منع النقاب في الفضاء العام ، لما يمثله من استبطان للعنف الرمزي، و من عدوانية حتى و ان كانت في حالة كمون تجاه الاخرين، و من رفض لقواعد العيش المشترك.
 
 

هشام الحاجي [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP