من هو أبو بكر البغدادي ؟
تونس- التونسيون
قدم نفسه “خليفة المسلمين” وأطلق أيدي عناصره في العراق وسوريا، فعاثوا فسادا وقتلوا الأبرياء ولاحقوا الأقليات وأعدموا كل من وقف بوجههم، وكانت النساء أكبر ضحاياهم في السبي والاستغلال الجنسي.
إبراهيم عوض إبراهيم علي البدري، الذي عرف باسم “أبو بكر البغدادي”، جعل من نفسه قائدا لأخطر تنظيم متشدد عرفه العالم خلال السنوات الماضية، وأعلن قيام ما أسماه بـ”الخلافة” في مدن عراقية وسورية سيطرت عليها عناصره لعدة سنوات.
لكن الولايات المتحدة قادت تحالفا دوليا شن حربا على التنظيم المتشدد، أدت إلى استعادة الأراضي التي سيطر عليها التنظيم الذي انهار وقتل معظم أفراده، ما دفع البغدادي إلى الهروب والاختباء، حتى قتلته القوات الأميركية في عملية عسكرية في إدلب.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن الأحد رسميا مقتل أبو بكر البغدادي. وقال في كلمة ألقاها من البيت الأبيض إن البغدادي قتل بعد تفجير “سترته” الناسفة إثر محاصرته من قبل القوة الأميركية داخل نفق، كان يدرك زعيم داعش أنه كان مسدودا، وفق الرئيس الأميركي.
وأوضح الرئيس الأميركي أن البغدادي دخل إلى نفق ولاحقته الكلاب وكان يصرخ ويبكي خلال هروبه، مشيرا إلى أنه “مات كالكلب والجبان” مع “عدد كبير” من أنصاره.
وذكر ترامب أنه تم إجراء فحص “دي. أن.إيه” لجثة البغدادي وتم التأكد على أنها تعود له، موضحا أن التفجير حول الجثة لأشلاء وقد تحفظت القوة الأميركية عليها.
وقد ظهر البغدادي لأول مرة في العلن في 5 يوليو 2014، عندما أصدر التنظيم تسجيلا مصورا يظهر فيه البغدادي وهو يلقي خطبة الجمعة في الجامع الكبير “الحدباء” بمدينة الموصل العراقية.
وقبل ظهور البغدادي، كان التنظيم قد أعلن في أواخر يونيو قيام ما وصفها بـ”الخلافة الإسلامية” وتنصيب البغدادي “إماما وخليفة للمسلمين في كل مكان”، ودعا الفصائل المتشددة في مختلف أنحاء العالم إلى “مبايعته”.
من هو أبو بكر البغدادي؟
قبل تأسيس تنظيم داعش، كان البغدادي قد درس الفقة في كلية العلوم الإسلامية ببغداد، وعقب التدخل العسكري الأميركي في العراق عام 2003 ضد نظام صدام حسين، انضم البغدادي الذي عرف سابقا بإبراهيم البدري السامرائي إلى صفوف تنظيم متطرف كان يشن هجمات إرهابية ضد القوات الأميركية، وضد الطائفة الشيعية.
واعتقلت القوات الأميركية البغدادي في فبراير عام 2004 وأفرجت عنه بعد عشرة أشهر في ديسمبر 2004، وكان السجن الذي حبس فيه البغدادي قد ضم معتقلين من قادة حزب البعث في عهد صدام حسين ومتشددين سنة.
وقد أدرك الجيش العراقي بعد 10 سنوات من سقوط نظام صدام حسين أنه يواجه قادة النظام السابق والذين انتقل بعظهم إلى صفوف تنظيم داعش.
وبعد إطلاق سراحه في ديسمبر 2004 لعدم وجود أدلة كافية ضده، بايع البغدادي أبو مصعب الزرقاوي الذي كان يقود مجموعة من المتشددين السنة تابعة لتنظيم القاعدة. وفي أكتوبر 2005، أعلنت الولايات المتحدة أن قواتها قتلت “أبو دعاء”، وهو اسم حركي كان يعتقد أن البغدادي يستخدمه.
لكن تبين أن الأمر لم يكن صحيحا، بما أن البغدادي تسلم مسؤولية ما كان يعرف بتنظيم “دولة العراق الإسلامية” في مايو 2010، بعد مقتل زعيمها أبو عمر البغدادي ومساعده أبو أيوب المصري في غارة جوية عند الحدود السورية العراقية.
وفي عام 2013، أسس أبو بكر البغدادي تنظيما جديدا من جماعات متشددة عراقية وسورية، والذي عرف باسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” أو إعلاميا باسم “داعش”، وقد أعلن عنه رسميا في يوليو 2014 من الموصل.
وسرعان ما عرف التنظيم الجديد بعنفه وشراسته وبطشه بالمدنيين والقتل على الهوية، خاصة في سوريا.
ففي حادثة بقيت عالقة في الأذهان، أعدم مراهق عمره 15 سنة قرب مدينة حلب بأمر من البغدادي الذي اعتبر أن الشاب شتم الرسول محمد.
وبدأ التنظيم بتنفيذ عقوبات صارمة على المواطنين الذين يقعون تحت سيطرة عناصره منها قطع يد السارق، والقيام بعمليات صلب وتعذيب أمام عامة الناس.
ومنذ أن شن تنظيم داعش المتطرف هجومه على العراق في التاسع من يونيو 2014، تورط في العديد من عمليات القتل والفظاعات بحق المدنيين.
وفي المناطق التي سيطر عليها آنذاك، على غرار محافظة الرقة في الشمال الشرقي لسوريا والتي اتخذها معقلا له، أحيا البغدادي ورجاله “العهدة العمرية”، التي تعود إلى عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب والتي تفرض قواعد صارمة على المسيحيين.
وفي يوليو 2018، أعلن تنظيم داعش مقتل أحد أبناء زعيمه أبو بكر البغدادي في هجوم شنه مع متشددين آخرين في محافظة حمص بوسط سوريا.
وكان البغدادي قد ظهر في مقطع فيديو في 29 أبريل 2019، أي بعد نحو خمس سنوات من آخر ظهور له والذي كان في 2014 بمدينة الموصل العراقية، وقد أثنى فيه على تفجيرات سريلانكا، معترفا في نفس الوقت بهزيمة التنظيم.
وفي آخر تسجيله صوتي له والذي نشر في سبتمبر الماضي، دعا البغدادي عناصره إلى إنقاذ مقاتليه وعائلاتهم المحتجزين في السجون والمخيمات، متوعدا بالثأر لهم.
خسائر بشرية ومالية فادحة
تسبب تنظيم داعش بقيادة البغدادي بخسائر بشرية ومادية فادحة، إذ خلف التنظيم آلاف القتلى من المدنيين في السنوات التي سيطر فيها على أراض في العراق سوريا.
ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عدد القتلى على يد داعش وصل إلى 5939، منهم 5087 رجلا وشابا، و476 طفلا دون سن 18، و376 سيدة فوق سن الـ 18.
فيما بلغ عدد قتلى الفصائل المتشددة من جميع الجنسيات بما في ذلك عناصر تنظيم داعش، نحو 65 ألفا منذ بداية تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا بالتزامن مع اندلاع الثورة في 2011، وفقا لآخر إحصائية للمرصد نشرت في 15 مارس.
وقد أنفقت الولايات المتحدة نحو 11 مليار دولار في الطلعات الجوية ضد تنظيم داعش، بحسب الأرقام الصادرة عن وزارة الدفاع الأميركية في عام 2017. وكانت وزارة الدفاع قد كشفت في أبريل 2016 أن كلفة اليوم الواحد من الحرب ضد داعش تصل إلى نحو 11.5 مليون دولار.
في نوفمبر 2017، قال رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي إن العراق تكبد خسائر تفوق 100 مليار دولار بسبب سيطرة داعش على جزء من أراضي البلاد مدة ثلاث سنوات.
الخسائر المالية في سوريا بلغت نحو 226 مليار دولار أميركي، فيما دمر سبعة بالمئة من المباني، وتضرر نحو 20 بالمئة من المنازل والمساكن جزئيا. بحسب دراسة للبنك الدولي عام 2017.
كما ساهم تنظيم داعش في ضياع جزء كبير من التراث السوري والعراقي، جنبا إلى جنب مع مهربين للأثار الذين تعاونوا مع عناصر في التنظيم المتشدد.
وشملت قائمة المتاحف التي تعرضت للنهب والسرقة والتدمير خلال الحرب السورية: متحف الرقة وقلعة جعبر، ومتحف حماة، ومتحف التقاليد الشعبية في حلب، ومتحف المعرة، بحسب تقرير اليونسكو.
كما قامت المجموعة أيضا بهجمات إرهابية خارج حدود الخلافة المزعومة. ففي شهر نوفمبر 2015، أدى تفجيران انتحاريان لداعش بقتل 43 شخصا وجرح 239 شخصا في بيروت.
وفي نفس الشهر، نفذ داعش سبع هجمات منسقة في باريس، أدت إلى قتل 130 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 350 آخرين.
وفي شهر مارس 2016 قتل إرهابيو داعش 34 شخصا على الأقل في بروكسل – بما في ذلك أربعة مواطنين من الولايات المتحدة، وأصيب أكثر من 270 آخرون.
وعلى إثر هذه الجرائم، صنفت وزارة الخارجية الأميركية البغدادي بإرهابي عالمي بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224. وهو أيضا مدرج في قائمة لجنة العقوبات لتنظيم القاعدة وداعش في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
كيف انتهى داعش على الأرض؟
في 13 يونيو 2014 تشكل التحالف الدولي ضد داعش بقيادة الولايات المتحدة، ليبدأ شن ضربات جوية على معاقل التنظيم، وشهد عام 2015 بداية انحسار للتنظيم الذي سيطر على مساحات واسعة بين العراق وسوريا.
فقد التنظيم تكريت وسنجار والرمادي بالعراق في نهاية 2015، وفي يونيو 2016 استعادت القوات العراقية مدينة الفلوجة، أحد أهم معاقل التنظيم بالعراق.
في 10 يوليو 2017 خسر تنظيم داعش مدينة الموصل، أهم معاقله على الإطلاق، وفي ديسمبر 2017، كان رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي قد أعلن طرد بقايا التنظيم من العراق.
خسر التنظيم معظم أراضيه في سوريا خلال عام 2017، بعد أن استطاع النظام السوري السيطرة على محافظة حمص في أغسطس 2017.
أهم خسارة مني بها التنظيم كانت هزيمته في مدينة الرقة السورية في أكتوبر 2017، والتي كان يعتبرها “عاصمة” له.
هرب عناصر التنظيم من الرقة إلى شرق محافظة دير الزور، وفي 15 مارس، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن نسبة سيطرة تنظيم داعش على الأرض لا تتعدى 2.2%، بمساحة بلغت 4090 كيلو مترا مربعا ممثلة بجيب كبير في البادية السورية غرب الفرات.
تجمع في تلك المنطقة ما تبقى من عناصر التنظيم، خاصة في بلدتي الباغوز وهجين. وهناك كانت نهايتهم في 23 مارس 2019. على يد قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.
أما الضربة القاضية فتمثلت في مقتل أبو بكر البغدادي في قرية بريشا بمحافظة إدلب شمال غرب سوريا، بنيران قوات خاصة أميركية في ليل السبت 26 أكتوبر 2019، ضمن عملية عسكرية محكمة ودقيقة.
أكد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الأحد، مقتل زعيم تنظيم “داعش” أبو بكر البغدادي، كاشفا تفاصيل العملية التي نفذتها القوات الأميركية الخاصة شمال غرب سوريا.
وقال ترامب إن البغدادي قتل بعد تفجير “سترته” الناسفة إثر محاصرته من قبل القوة الأميركية داخل نفق، كان يدرك زعيم داعش أنه كان مسددودا، وفق الرئيس الأميركي.
وأوضح الرئيس الأميركي أن البغدادي دخل إلى نفق ولاحقته الكلاب وكان يصرخ ويبكي خلال هروبه، مشيرا إلى أنه “مات كالكلب والجبان” مع “عدد كبير” من أنصاره.
وذكر ترامب أنه تم إجراء فحص “دي. أن.إيه” لجثة البغدادي وتم التأكد على أنها تعود له، موضحا أن التفجير حول الجثة لأشلاء وقد تحفظت القوة الأميركية عليها.
Comments