الجديد

نبيل القروي .. الثوبُ الجديدُ

علاء حافظي

تميّز نبيل القروي رئيس حزب قلب تونس، بقلّة الظهور الإعلامي، فرغم أن الرجل من “أنجح الإعلاميين” في تونس فإنه مقلّ في التصريحات والحوارات. وظلّت صورته “مُشوّشة” في الأذهان يغلبُ عليها ما يقوله خصومه عليه، منذ الحملة الانتخابية وحتى قبلها. ولكن حواره مساء الأحد على قناة حنبعل، كان فُرصة له ليكشف شخصيته ويظهر في ثوب “السياسي البراغماتي” المُلمّ بمواضيع الساعة والمحاور الجيد، وفرصة لعموم المشاهدين للتعرف على الرجل.

نبيل .. السياسي

عاد نبيل القروي على الكثير من المواضيع، و تحلّى بالجرأة في الإجابة على الكثير منها. لقد بدا القروي متمسكا بـت”صورته” كرئيس حزب، حريص على وحدة كُتلته ووحدته و انتشاره. وأكد أكثر من مرة أن حزبه، ليس حزب صراعات مهما كان نوعها، بقدر ما هو حزب الواقع غايته “محاربة الفقر”. واختزل رئيس قلب تونس كل شعاراته في برنامج يقول انه جاهز لتحقيق ما وعد الناس به، وهو القضاء على الفقر. وعاد في ذلك إلى تجربته في التواصل مع آلاف التونسيين ممن نسيهم الجميع، وأهملتهم الحكومات و السياسيين، من خلال جمعية “خليل تونس”.

حــِرْصُ نبيل القروي على وحدة كتلته ومخاطبته لجمهور ناخبيه، و تذكيرهم بأنه متمسّك ب”الأمانة” التي انتخبوها من أجلها “ضربة إعلامية” مهمة، تكشف إدراك الرجل لعناصر قوته أي الكتلة و الجمهور الناخب من جهة، وعلامة على استعداده لكل طوارئ سياسية، قد تجعله محتاجا إليهما. ولم ينس القروي في ذلك التذكير بكونه وحزبهُ مستعدان للعمل مع جميع الأحزاب والكتل التي تتفق معه على “محاربة الفقر” وانه مُتحرر من كل أثقال الماضي وصراعاته الإيديولوجية، أمر بلغ ذروته في تعليقه على ائتلاف الكرامة إذ قال “أن لا تاريخ له معهم”.

كما أكد القروي في ذات السياق أنه “ناضج” يُقدّم المصلحة الوطنية على اي أمر غيرها، لذلك اعتبر ان المنطق السياسي السليم يكمن في تحمل كل الاحزاب، خاصة منها الفائزة في الانتخابات مسؤولية الحُكم، مُبيّنا ان علاقته بحركة النهضة منسجمة مع نتائج الانتخابات من جهة، وراجعة للمصلحة العامة، دون ان يكون متحالفا معها.

نبيل .. المُحارب

هذي الخصيصة “المسالمة” في نبيل القروي، التي دعمتها نبرة خطاب هادئة، مصحوبة بالكثير من الابتسام، خاصة “الابتسامات الساخرة” عند الحديث على العائلة السياسية التقدمية الديمقراطية الوسطية، لم تُخف صرامة وحدية في الكثير من المواضيع وخاصة في مواقف من شخصيات سياسية. فلم ينس القروي معركته مع يوسف الشاهد رئيس الحكومة السابق، فعاد اليه بالنقد، وحمله مسؤولية سجنه، على ان نقده له قام رئيسيا “على سوء الحوكمة” خاصة في المؤسسات العمومية.

كما لم يتردد في مهاجمة عبد اللطيف المكي، ومن خلاله حركة النهضة، إذ اشار الى ان القضايا مرفوعة ضد النهضة و ليست ضد قلب تونس، مشيرا الى انه لا يُريدُ الخوض في ذلك.

هذا التصعيد لم تسلم منه التيار ولا حركة الشعب و لا تحيا تونس، إذ نعتها “بالانفصام السياسي” و بالنفاق، إذ تتحالف مع النهضة في الحكومة، وتُهاجمها في البرلمان، بل وتتهمه وحزبه بكونهما حليفان للنهضة.

نبيل .. الملفات

تحدث نبيل القروي على الملف الاجتماعي و بين أن الأولوية هي محاربة الفقر. ولا يكون ذلك بالحلول الترقيعية التي جعل بعضها يرتقي لدرجة الفساد وسوء الحوكمة مثل “شركات البستنة”، بل بتحقيق نسب عالية من النمو الاقتصادي. اقتصاد يقوم عنده على ركيزتين، المؤسسات العمومية التي تشكو الإفلاس و مثقلة بالديون بسبب سوء الحوكمة والإدارة القائمة على المحسوبية والولاء الحزبي على حساب كفاءات الإدارة من جهة، وعلى القطاع الخاص الذي يعرف انكماشا مبررا بسبب الهرسلة والضغط الجبائي وعدم وضوح الرؤيا السياسية.

وفي “شجاعة” كبيرة، بين ان الكثير من المؤسسات العمومية التي يغيبُ عليها الطابع الاستراتيجي، يُمكن التفويت فيها أو تشجيع رأس المال الخاص على الاستثمار والمشاركة فيها. مبيّنا ان شركة التبغ والوقيد مثلا، ورغم أنها تحتكر السوق فإنها تُسجّل خسائر بعشرات المليارات سنويا، ولا يرى حاجة في الإبقاء عليها لأنها ليست قطاعا استراتيجيا عكس شركة الكهرباء أو المياه أو الخطوط الجوية التي يُمكن ان تقوم فيها الدولة بشراكات مع شركات عالمية كُبرى. ودعا الى حوار صادق وشامل بين مختلف المكونات للاتفاق على مشروع متكامل، يُشارك فيه اتحاد الشغل و الأعراف و الأحزاب و الخبراء.

في الجملة قدّم نبيل القروي نفسه لجمهور المشاهدين، في ثوب السياسي المُلمّ بملفاته، و العارف بموقعه وحدود فعله. لكننا لا يجب ان ننسى ان حواره في قناة حنبعل تم بعد تسجيل لقاء الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة، في قناة نسمة و الذي سيُبثُّ مساء الاثنين.

و قد استبق نبيل القروي حوار الشيخ بالتعبير على احترامه لراشد الغنوشي “الرجل الوطني العاقل والحكيم”، لقاءان تلفزيان يأتيان بعد “الأربعاء الطويل” و يُمهّدان لتحولات كبيرة في المشهد البرلماني و خاصة الحكومي. ولقاء نبيل القروي هو بمثابة المُفتّحات الباردة لحوار الشيخ راشد الساخن اليوم  الاثنين 8 جوان 2020.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP