نتائج سبر الآراء: المنعرج الكبير قبل 6 أشهر من الانتخابات !
منذر بالضيافي
أثار الكشف، عن نتائج عمليات سبر الآراء، حول نوايا التصويت وشعبية الأحزاب والسياسيين، في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، التشريعية والرئيسية، المقررة لنهاية السنة الجارية، ما يشبه “الصدمة” أو “الزلزال”، وهي برأي لا ترتقي الى ذلك، بل لا أبالغ بالقول أنها كانت متوقعة.
كل متابعة لما حدث ويحدث في مجتمعنا، كان يشير الى ذلك، بل أن الكثير من عمليات سبر الآراء، الغير رسمية قد أشارت الى ذلك ومنذ فترة ليست بالهينة، لكن “هول” الحقيقة أصبح واقعا مجتمعيا وسياسيا واعلاميا، بعد أن أعلنت عنها مؤسسات سبر اراء محلية، يبدوا أنها دفعت الى ذلك دفعا، تحت تأثير التسريبات التي أصبحت متداولة، بل أصبحت في متناول عامة الناس قبل خاصتهم، وهنا نفهم دواعي واسباب النتائج التي أعلن عنها مساء الجمعة، رئيس مؤسسة “سيغما كونساي” حسن الزرقوني، وأعادت نشرها اليوم الأحد، جريدة “المغرب”.
حسب “سيغما كونساي”، فقد تصدر أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد نوايا التصويت للانتخابات الرئاسية المقبلة وفق آخر سبر آراء أجرته، وتحصل على 22.4 بالمائة من أصوات المستجوبين. واحتل صاحب قناة نسمة نبيل القروي المركز الثاني بنسبة 21.8 بالمائة، وجاءت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي في المرتبة الثالثة بنسبة 12.4 بالمائة يليها رئيس الحكومة يوسف الشاهد بنسبة 7.4، ثم رئيس الجمهورية السابق محمد المنصف المرزوقي في المركز الخامس رفقة محمد عبو بنسبة 4.5 بالمائة، وجاءت سامية عبة في المركز السادس بنسبة 4.0 بالمائة.
ردود الأفعال على النتائج المعلنة، جاءت متفاوتة، بين النخب وعامة الناس، فعلي المستوي الشعبي أو المجتمعي، هناك حالة لا مبالاة ظاهرة لكنها مسكونة بالغضب، خصوصا بعد ارتفاع كل مؤشرات الرفض للوضع الذي الت اليه الأوضاع، خاصة الاقتصادية والاجتماعية، وهذا ما يجعل فئات وشرائح واسعة من المجتمع التونسي تجد نفسها في ما أعلن عنه، فأمام انسداد الأفاق وغياب البديل من داخل ما يسمى ب “النظام” le système، فانه من الطبيعي أن يكون البحث عن الحل أو حتى توهمه يكون من خارجه.
ان النتائج المعلن عنها من قبل مؤسسة “سيغما كونساي”، هي وفي قراءة أولى، تعبر عن تنامي منسوب ما يسمى ب “تصويت الغصب” أو “التصويت العقابي” وهو الأقرب براي للحالة التونسية اليوم، قبل 6 أشهر من الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، عقاب لحصيلة منظومة الحكم، التي حكمت البلاد طيلة العهدة الانتخابية، التي لم يبقى منها سوى نصف سنة، أي حكمت البلاد والعباد طيلة 4 سنوات ونصف السنة. فأي حصيلة لهذا الحكم أو ما عرف بحكم التوافق في تونس بعد أربعة سنوات ونصف؟.
ان التوافق السياسي الذي حكم تونس منذ انتخابات 2014 نستطيع القول أنه ضمن حد أدني من الاستقرار في البلاد، لكنه بلا منجز اقتصادي واجتماعي، فبعد أربعة سنوات من حكم هذا التوافق نجد أن البلاد تعيش أزمة شاملة ومركبة:
* صعوبات اقتصادية غير مسبوقة اذ أن كل المؤشرات الاقتصادية حمراء فضلا عن وجود عجز في المالية العمومية .
* وضع اجتماعي على حافة الانفجار بعد تفاقم منسوب التوتر والاحتجاج بعد تدهور المقدرة الشرائية وتردي الخدمات الاساسية في الصحة والتعليم والنقل.
* أزمة سياسية حادة ترجمت من خلال تفكك الحزب الحاكم ( نداء تونس) ووجود صراع بين راسي السلطة التنفيذية، الأمر الذي أربك المجتمع والدولة معا.
* توافق سياسي قتل الحياة السياسية نظرا لغياب ثنائية الحكم والمعارضة، ونجم عنه حصول ما أسميه ب “دكتاتورية التوافق”، وجعل الهوة تتسع بين المجتمع والطبقة السياسية – حكما ومعارضة -.
ولعل هذا ما يفسر تصاعد شعبية ما يسميه البعض ب “التيار الشعبوي”، ويطلق عليه البعض الاخر الجماعة “الخارجة عن السيستام”.
ما حصل في المشهد السياسي والمجتمعي، قبل أقل من ستة أشهر، من الذهاب الى الاستحقاقات الانتخابية القادمة، يعد بمثابة “المنعرج الكبير” . فهل ستكون “منظومة السيستام” قادرة على التدارك أم أنه “حصل ما في الصدور” و “قضي الأمر”، وأن تونس مقدمة على ادارة سياسية جديدة للشأن العام ؟
Comments