الجديد

نواب: إجماع على “رداءة” المشهد و تأكيد على أنّ الحلّ ليس في حل البرلمان

التونسيون- /وات/ –

يشهد مجلس نواب الشعب منذ انطلاق دورته النيابيّة “تجاذبات” و”أعمال عنف” بين نوابه، تصاعد نسقها بشكل متواتر في الفترة الأخيرة، ممّا أدّى إلى “ترذيل” العمل البرلماني وفق متابعين للشأن العام، وصلت حدّ المطالبة بـ” حلّه.”

وتتالت هذه الدعوات نهاية الأسبوع المنقضي، على خلفية ما شهده البرلمان من أحداث فوضى وتجاوزات واعتداءات لفظيّة، صدر بعضها عن رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر في حقّ موظّفين وصحفيين، وأخرى مادية ارتكبها أحد نواب النهضة في حق زميلته من كتلة الدستوري الحر، في مشهد يذكّر بالأحداث “المشينة” التي جدّت شهر ديسمبر الماضي، عند اعتداء نواب ائتلاف الكرامة على نواب التيار الديمقراطي، والتي كانت محلّ إدانة جماعيّة بما فيها رئاسة البرلمان.

هذه الإعتداءات المتكرّرة ومظاهر العنف اللفظي والمادي والسياسي المتصاعد بين هياكل المجلس صلب المؤسّسة التشريعيّة، والتي اعتبرها البعض “فصلا خطيرا في تدهور مناخ العمل البرلماني”، ساهمت وفق العديد من المتابعين للشأن السياسي في عرقلة إصدار التشريعات، وجعلت البرلمان “عاجزا” عن القيام بدوره التمثيلي في نقل ومعالجة شواغل المواطنين وحلحلة مشاكلهم اليومية.

وفيما يرى نواب، أنّ مسؤولية المشهد البرلماني الذي “ترذّل” وبات “رديئا”  تتحمّلها الأطراف الرافضة لسحب الثقة من رئيس البرلمان، باعتباره عنصر “توتّر” وغير قادر على إدارة الجلسات، يعتبر آخرون أنّ المسؤولية يتحمّلها النواب الذين يسعون الى التّموقع والاستقطابات المغشوشة، والذين لا يتوانون في بث الفوضى خدمة لمصالحهم، مؤكّدين في تصريحاتهم ل (وات)، أنّ الوضع اليوم يتطلّب مراجعات قصد التهدئة والذّهاب إلى حوار جدّي يدفع إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

وفي هذا الإطار، أوضح النائب مصطفى بن أحمد (كتلة تحيا تونس، 10 نواب)، أنّ ما جدّ بالبرلمان من أحداث بين النواب الخميس الماضي، شملت كذلك مختلف المتدخلين في العمل النيابي من مجتمع مدني وصحفيين وعملة وإداريين، جعل المؤسسة التشريعية تصل “ذروة التجاذبات والتجاوزات” التي أثّرت ولازالت تؤثّر على سير عمله.

وأضاف أنّ ما يشهده مجلس نواب الشعب من صراعات هو نتيجة لتجاذبات الأحزاب ولتأثير المشهد السياسي على المشهد البرلماني، إضافة إلى انتفاء احترام النظام الداخلي وقواعد الانضباط والقانون.

أمّا النائب هشام العجبوني )الكتلة الديمقراطيّة، 38 نائبا( ، فقد اعتبر أنّ “ترذيل” العمل البرلماني بدأ مع انطلاق الدورة البرلمانية من قبل بعض الأطراف السياسيّة، على غرار نواب الدستوري الحر وائتلاف الكرامة .

وقال إنّ هذا الوضع يعكس المشهد السياسي “المشتّت والمتشظّي” الذي تتحملّ مسؤوليته الأحزاب السياسيّة، وكذلك المواطنين الذين ساهموا بعزوفهم عن الإنتخابات في وصول من قام بتوظيف “الدين” و” الشعبويّة” إلى مجلس نواب الشعب (في إشارة إلى حركة النهضة وإئتلاف الكرامة(، وجعل الأحزاب الحاملة لفكرة والتي لا تخشى المحاسبة لاحقا كالتيار الديمقراطي، وفق تعبيره، أقليّة صلب المجلس.

وأكّد العجبوني أنّ الحلّ اليوم ليس في حلّ البرلمان كما تدعو إلى ذلك “أقليّة”، وإنّما في الضغط على الحكومة والمطالبة بتغيير المنظومة الإنتخابيّة ومراجعتها، حتى لا يتمّ إنتاج نفس المشهد البرلماني المتردّي في الإنتخابات المقبلة.

أما النائب فؤاد ثامر )كتلة قلب تونس، 30 نائبا( ، فقد اعتبر أنّ ما يحصل اليوم بمجلس نواب الشعب يعدّ “وصمة عار” في جبين الأطراف التي تعمل على اختلاق المشاكل وتعطيل سير عمل البرلمان، وإقحام الموظفين والاعتداء عليهم في أماكن عملهم عبر استعمال صفة النائب، في ضرب واضح لمؤسسة من مؤسسات الدولة.

ولفت إلى أنّ الحصانة التي منحت إلى نائب البرلمان، غايتها تمكينه من إيجاد الحلول وممارسة دوره الرقابي والتشريعي، لا تعطيل مصالح المواطنين والاعتداء على الآخرين وخرق القانون.

وأبرز في هذا الجانب، ضرورة تطبيق القانون بحذافيره على جميع الأشخاص من بينهم نواب البرلمان، الذي قال إنهم مطالبون باحترام النظام الداخلي للبرلمان وأخلاقيات المهنة وكل الشركاء في العمل، بعيدا عن التوظيف والاتهامات والهرسلة.

كما دعا إلى ضرورة القيام بمراجعات قصد التهدئة وتقريب وجهات النظر، بهدف الذهاب إلى حوار حقيقي وطني قادر على التجميع وايجاد حلول لمشاغل المواطنين.

بدوره، يرى النائب نورالدين البحيري )كتلة حركة النّهضة، 54 نائبا( ، أنّ البرلمان التونسي وإلى جانب دوره الرقابي، وضع لنفسه الكثير من الأولويات أهمها تركيز المحكمة الدستورية وبعض الهيئات الدستورية الأخرى، إضافة إلى قوانين ذات صبغة اجتماعية واقتصادية كقانون تشغيل المعطلين عن العمل وقانون الاقتصاد التضامني وغيرها، تهدف جلّها الى دفع البلاد في اتجاه تجاوز الخلافات والصراعات السياسية الشخصية والأيديولوجية والانكباب على حل مشاكل الشعب.

وقال إنّ حركة النهضة على قناعة بأنه لن يقع حلّ مشاكل البلاد مهما تفاقمت وبلغت درجة عمقها إلا بالحوار، خاصّة وانّ التجربة أثبتت نجاح ذلك، وفق تعبيره، مؤكّدا أنّه من الطبيعي وجود خلافات بين أفراد الشعب الواحد لاختلاف وجهات النظر، لكن لن يقع حلها الا بالحوار رغم بعض الظواهر التي وصفها ب “المأساوية والشاذة ” على غرار رئيسة الحزب الدستوري عبير موسي ، على حد تعبيره.

وأضاف في هذا الصدد، أنّ موسي ظاهرة شاذّة لكن الوضع لن يستمرّ لوجود وعي جماعي بين النواب والكتل البرلمانية حتى المحسوبة منها على الدستوريين، بأنّها “باتت تمثّل خطرا محدقا وتهديدا جدّيا لسلامة الأشخاص الجسديّة، ولا بدّ من وضع حد لذلك”،  معربا عن ثقته في “أن الدساترة أنفسهم سيقتنعون أن موسي تمثل تهديدا للإرث الدستوري والبورقيبي وللدولة الوطنية”.

وكان رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، أكد في تصريح إعلامي خلال مشاركته اليوم الأحد بالعاصمة، في ندوة بعنوان “الثبات على نضال الحركة الوطنية “، بمناسبة الذكرى 65 للاستقلال، أن الخطر يبقى في الخطاب المتشدد وخطاب الإقصاء والتفرقةّ، الذي يحل بديلا عن خطاب الحوار والتوافق، والذي يبقى وحده قادر على إحلال السلم الأهلي.

كما قال إنه “لا سبيل اليوم لحلّ البرلمان إلاّ عندما يعجز عن إنجاز أوكد مهامه وهي إنتاج حكومة”، معتبرا أن البرلمان فكرة أصيلة في مشروع الاستقلال وفي الثقافة السياسية التونسية، “وهناك اليوم من ينادي بحله، وهو ما يعتبر من المفارقات”.

يشار الى انّ جمعية “البوصلة” اعتبرت في بيان لها أول أمس الجمعة، أنّ السير العادي للمؤسسة البرلمانية بات مهددا بشكل حقيقي، بسبب تعطيل أشغاله خلال اعمال اللجان والجلسة العامة ومكتب البرلمان.

وحمّلت رئاسة البرلمان من جهتها، مسؤولية ما وصل إليه الوضع الى الكتل البرلمانية، وعلى رأسها كتلة الحزب الدستوري الحر، ودعتها إلى ضرورة احترام مقتضيات النظام الداخلي، واللجوء فقط الى ما تمنحه لها القوانين الجاري بها العمل، من آليات ووسائل احتجاج ومساءلة.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP