الجديد

هاريس و ترامب : المناظرة الحاسمة .. الى أين تسير الاتجهات الرئيسية لموعد الخامس من نوفمبر القادم ؟ / تقدير موقف أولي /

منذر بالضيافي

يتوقع أن تكون المناظرة التي ستجري غدا الثلاثاء، بمثابة محرار لطبيعة ومآلات المواجهة الحاسمة لرئاسيات الولايات المتحدة المقبلة، و في تحديد مستقبل المنافسة بين الديمقراطية كاملا هاريس و الجمهوري دولاند ترامب، في مسار السباق الرئاسي المتقلب و المتوتر نحو البيت الأبيض، وسط اجماع مختلف عمليات سبر الاراء، على وجود تقارب بين المتنافسين. فما تأثير هذا الاستحقاق الرئاسي الهام على الولايات المتحدة ومستقبل الديمقراطية الأمريكية ؟ والى أين تسير الاتجهات الرئيسية لموعد الخامس من نوفمبر القادم ؟

في تقرير حديث لها قالت مجموعة أوراسيا الاستشارية لتحليل المخاطر إن الانتخابات الرئاسية الأميركية ستشكل أكبر خطر سياسي على العالم في عام 2024 بغض النظر عمن سيفوز فيها، بسبب ما قالت إنه “إساءة استخدام مؤسسات أقوى ديمقراطية في العالم”..

كما قالت مؤسسة تحليل المخاطر السياسية ، في تقريرها السنوي، إن انتخابات الخامس من نوفمبر القادم  “ستختبر الديمقراطية الأمريكية  إلى درجة لم تشهدها الأمة منذ 150 عاما”، في إشارة إلى الحرب الأهلية  .

وأضافت أن “الولايات المتحدة هي بالفعل الدولة الديمقراطية الصناعية المتقدمة الأكثر انقساما واختلالا في العالم. وستؤدي انتخابات 2024 إلى تفاقم هذه المشكلة بغض النظر عن الفائز”.

وذلك نظرا لأن نتيجة التصويت في الانتخابات الأمريكية  هي في الأساس خيار بين شخصين (وهو ما تأكد حاليا بعد نتائج الانتخابات التمهيدية )، وبالتالي فإن الشيء الوحيد المؤكد، هو استمرار الضرر، الذي يلحق بالنسيج الاجتماعي الأميركي، وبمؤسسات البلد السياسية ومكانتها الدولية.

استطلاعات الرأي .. منافسة شديدة

أظهر استطلاع على مستوى الولايات المتحدة، أجرته صحيفة نيويورك تايمز وسيينا كوليدج، نهاية الأسبوع المنقضي أن مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب ومنافسته مرشحة الحزب الديمقراطي نائبة الرئيس الحالي كاملا هاريس، متعادلان تقريبًا في آخر أسابيع الحملات الانتخابية.

وخلص الاستطلاع المنشور اليوم إلى حصول ترامب على 48% من الأصوات متقدمًا بنقطة مئوية واحدة عن هاريس، وهو فارق ضئيل يقع ضمن نطاق هامش الخطأ للاستطلاع البالغ ثلاث نقاط مئوية.

و يعني ذلك أن فوز أي مرشح منهما في التصويت، الذي يُجرى في الخامس من نوفمبر المقبل، وارد للغاية.

يظهر الاستطلاع أن الناخبين يشعرون بأنهم يحتاجون لمعرفة المزيد عن هاريس، وأن رأيهم في ترامب محدد إلى حد بعيد.

كما يشير الاستطلاع إلى أنه من المتوقع أن تؤثر المناظرة المنتظرة يوم الثلاثاء على السباق بشكل كبير.

ترمب أم هاريس؟ مؤرخ تنبأ بنتائج 9 من آخر 10 انتخابات أميركية يكشف عن توقعاته

قال مؤرخ سبق أن تنبأ بشكل صحيح بنتائج 9 من آخر 10 انتخابات رئاسية أميركية، إن الديمقراطيين «أصبحوا أذكياء أخيراً» من خلال التجمع حول كامالا هاريس مرشحةً لهم، وهذا هو أحد الأسباب التي تجعله يعتقد أنها ستكون الفائزة في الانتخابات المقبلة المزمع عقدها في نوفمبر القادم.

وطوَّر المؤرخ آلان ليختمان صيغة للتنبؤ بنتائج الانتخابات في عام 1981، مع عالم الرياضيات فلاديمير كيليس- بوروك، وأطلق عليها اسم «مفاتيح البيت الأبيض»، وهي تستند إلى تحليلهما للانتخابات الرئاسية التي يعود تاريخها إلى عام 1860. وتتكون «المفاتيح» من 13 معياراً يتم توقع مدى إمكانية فوز أحد المرشحين بها.

وبناء على هذه الطريقة، تمكن ليختمان من التنبؤ بشكل صحيح بنتيجة 9 من آخر 10 انتخابات أميركية.

وقال ليختمان لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية، إن الديمقراطيين الذين تمثلهم هاريس قد يخسرون 5 مفاتيح «على الأكثر» ولهذا السبب يتوقع «أن الولايات المتحدة ستشهد انتخابات غير مسبوقة، وأن كامالا هاريس ستصبح أول رئيسة للولايات المتحدة».

ولفت إلى أن «الديمقراطيين أصبحوا أذكياء أخيراً حين توحدوا خلف هاريس مرشحةً لهم. فبعد انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق الرئاسي اعتقدت أن الديمقراطيين سيخوضون معركة حزبية كبيرة وخلافات حول هاريس؛ لكن هذا لم يحدث. وأضاف: «تُظهر المفاتيح أن كامالا هاريس هي الفائزة المتوقعة».

ويحقّق المرشّحان للبيت الأبيض نتائج متقاربة حالياً في استطلاعات الرأي، ومن المتوقع أن تجري الانتخابات في مناخ متوتر، فقد أشار دونالد ترمب مرات عدة إلى أنه لن يقبل نتائج الاقتراع إلا في حال فوزه.

اتجاهات الانتخابات الرئاسية الأميركية

وسبق أن ذهب الباحث في مركز كارنجي و وزير الخارجية الأردني الأسبق مروان المعشر، الى أن هناك عوامل عدّة بدأت في البروز في علاقة بالرئاسيات الأمريكية المقبلة، و مفادها “أن فرص الحزب الديمقراطي في الاحتفاظ بمنصب رئيس الولايات المتحدة قد تحسّنت، لكنها لم ترقَ بعد إلى مستوى حسم النتيجة”، وفق تقدير المعشر.

ويبدأ المعشر تحليله بطرح السؤال التالي: هل من المبكر حسم نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية؟

ويشير الى أنه من دون شك، كانت فرص إعادة انتخاب الرئيس بايدن شبه معدومة، ولا شك في أنه توصّل في النهاية إلى هذا الاستنتاج، ما دفعه إلى الانسحاب من السباق الرئاسي. وإذا كان من المبكر الحكم على فرص المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، فمن الواضح أنها باتت أفضل بكثير من فرص بايدن. وهذا ما تبين  بوضوح من خلال تقليص الفجوة الكبيرة في استطلاعات الرأي، حتى باتت بعض هذه الاستطلاعات تعطي أفضلية طفيفة لهاريس على ترامب.

وهنا يبدو من الواضح أن سنّ هاريس بحدّ ذاته يعطيها دفعة أولية، إذ إن الكثير من الأميركيين من الحزب الديمقراطي، أو من خارجه، كان ينتابهم قلقٌ حقيقي من قدرة بايدن على إدارة البلاد بكفاءة، بعد أن بدت علامات الشيخوخة واضحة عليه، بغضّ النظر عن أدائه في السنوات الأربع الماضية. فبعد أن كان عامل السنّ يعمل ضد بايدن، انعكست الآية اليوم وأصبح سنّ ترامب أحد العوامل السلبية ضدّه.

ويشدد الباحث في مركز كارنجي على أن المعركة الانتخابية ستنحصر على الأرجح في ست ولايات، باعتبار أن معظم، إن لم يكن كل الولايات الأخرى، قد حسمت موقفها من أحد المرشّحَين. هذه الولايات الست هي ثلاث في ما يُدعى بمنطقة البحيرات الكبرى الواقعة في “الغرب الأوسط”، وهي بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، وثلاث ولايات في الجنوب الشرقي والغربي، أو ما يدعى بـ”حزام الشمس”، وهي جورجيا وأريزونا ونيفادا. هذه الولايات كافة ربحها بايدن في العام 2020 بفارق ضئيل، ما أهّله للفوز على ترامب، بينما ربح ترامب خمسًا من هذه الولايات باستثناء نيفادا في العام 2016 ما جعله يظفر بالرئاسة.

إن نظرة فاحصة لهذه الولايات الست تؤدّي إلى الاستنتاج بأن فرص هاريس في ربح ولايات الجنوب ستكون أصعب من ولايات الشمال، فالجنوب يبدو اليوم جمهوري التوجه في جلّه، حتى مع وجود ولايات متأرجحة كأريزونا مثلًا. حتى الرئيس السابق باراك أوباما لم يستطع النجاح في جورجيا وأريزونا، على الرغم من شعبيته الكبيرة، خاصة لدى الأميركيين السود في جورجيا. لذا، فإن طريق هاريس إلى الرئاسة سيحدّده على الأغلب الفوز في ولايات الغرب الأوسط الثلاث، التي تصوّت تقليديًا، وإن لم يكن دائمًا للحزب الديمقراطي، والتي تحتوي على 44 صوتًا انتخابيًا ستحتاجها هاريس جميعًا للفوز على الحافة على ترامب.

هذا يفسّر تركيز هاريس على هذه الولايات واختيارها تيم والز نائبًا لها من مينيسوتا، إحدى ولايات الغرب الأوسط، حتى إن لم تكن من الولايات الثلاث المتأرجحة. ولكنّ مرشحًا من منطقة الغرب الأوسط كوالز، الذي يحمل قيم تلك المنطقة وعاداتها، سيساعد هاريس في الظفر بهذه الولايات.

من الأفضل عربيا و شرق أوسطيا ؟

ثمة شعورٌ لدى كثر في المنطقة العربية أن “الخل أخو الخردل”، وأن ما من فرق بين هاريس وترامب، فكلاهما مؤيّد لإسرائيل، لكن الباحث في كارنجي و وزير الخارجية الأردني الأسبق مروان المعشر يبين الى أنه  يختلف تمامًا مع هذا الموقف. فصحيحٌ أن السياسة الأميركية لن تتغيّر جذريًا تجاه القضية الفلسطينية في وقتٍ قريب، ولكن صحيحٌ أيضًا أن ثمة تحولًا نوعيًا في الحزب الديمقراطي لدى جناح الشباب، بدأ يقترب تدريجيًا نحو الاعتراف الجدّي بالحقوق المشروعة للفلسطينيين، وأن هذا التحول يجب الاستثمار فيه وتشجيعه وصولًا إلى مرحلةٍ قد ينتج عنها تغييرٌ جذري في موقف الحزب الديمقراطي نحو القضية الفلسطينية.

وصحيحٌ أيضًا أن موقف ترامب معروفٌ تجاه تأييده الأعمى لإسرائيل واحتقاره للفلسطينيين ونيّته تنفيذ ما يدعوه “صفقة القرن” التي ستؤدّي إلى تصفية القضية الفلسطينية.

هذا ويشدد المعشر – وهو الخبير بالشؤون الأمريكية – على أنه من المبكر الحكم على نتيجة الانتخابات الأميركية، ولكن أداء هاريس حتى الآن يظهر أنها على الطريق الصحيح. كذلك أظهرت قدرة خطابية لم تُعرَف بها سابقًا، فضلًا عن استعدادها لاتخاذ مواقف متباينة عن رئيسها حيال غزة، حتى إنها لم تحضر خطاب نتنياهو في الكونغرس وبحجة واهية. وهوما يظهر أن الصوت العربي الأميركي بدأ يُحسب له حساب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وللمرة الأولى.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP