الجديد

هشام الحاجي يكتب عن: “ثرثرة الرؤساء الثلاث”

هشام الحاجي

لا نأتي بجديد حين نشير إلى أن تونس تجتاز ظرفا غير مسبوق و تنزلق إلى غياهب أزمة متكاملة الأبعاد و متعدة الجوانب،  و ما الأحداث ” الليلية” التي تشهدها بعض الأحياء الشعبية و المدن منذ أربعة ايام متتالية،  إلا تأكيد على عمق الأزمة التي لم يزدها الظهور الأخير للرؤساء الثلاث  ( الرئيس قيس سعيد و رئيس الحكومة هشام المشيشي ورئيس البرلمان الغنوشي) إلا عمقا .

ذلك أن ” الرؤساء ” ( قيس والمشيشي والغنوشي)  قد حافظو من حيث الشكل على نفس الأسلوب الاتصالي،  من خلال إختيار مكان ” أليف و آمن ” ، بالنسبة لهم المنيهلة التي يعتبرها قيس سعيد مقر قيادته الحقيقية و قصر الحكومة بالقصبة و هو المقر الرسمي لرئيس الحكومة وقناة “الزيتونة” التي تملكها الحركة.

اما مضمون خطاب ” الرؤساء ” فلم يخرج عن ” مألوف ” خطاب كل واعد منهم و عن “براديغم” خطاب النخبة السياسية في العشرية الأخيرة من حيث الإشارة إلى ” تفهم ” غضب الناس دون تقديم ملامح حل حقيقي لمشاكلهم التي ما انفكت تكبر ككرة النار.

يضاف إلى ذلك أن تعاقب ظهور ” الرؤساء ” كان أبرز تأكيد على عمق الخلاف بينهم و على أن أحد أهم أسباب الكلمة التي وجهها هشام المشيشي و التي كانت باهتة و بلا طعم و لا رائحة هي ” تسجيل الحضور ” بعد أن تكلم قيس سعيد وأيضا رد على خطاب المنيهلة.

لا شك أن ” ظهور الرؤساء” ليس معزولا عن ظاهرة تتواصل منذ عقود و تتمثل في أن الرغبة في الظهور و الكلام قد استبدت بالطبقة السياسية و اوقعتها في أخطاء، لعل من أبرزها أنها افقدتها مصداقيتها، و أبعدتها شيئا فشيئا عن الناس، و اوقعتها في منطق العجز عن رسم السياسات، و وضع البرامج الكفيلة بإخراج أوسع الشرائح من وضعها الحالي.

و لا شك أن ” الاحتجاجات الليلية” تمثل في جانب منها حديث الانفعالات و المشاعر و الأحاسيس، التي يتراجع معها صوت العقل، و لكن السياسيين لم يقطعوا بدورهم مع حديث الانفعالات و المشاعر و الأحاسيس، إذ تحركهم تصفية الحسابات في ما يبنهم، و يطغى عليهم منطق الربح و الخسارة الذاتي و ” الانتقام السياسي”.

و هو ما يعني في نهاية الأمر أنهم عاجزون عن فرض الصمت على الانفعالات و الارتقاء إلى مستوى ما تفرضه الدولة من عقلنة و خضوع لصوت العقل الذي قد يبدو باردا و لكنه شرط أساسي لحسن سير الدول.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP