هشام الحاجي يكتب: “قيس سعيد يسقط من علياء برجه الاستطلاعي”
هشام الحاجي
تبقى استطلاعات الرأي، أداة معتمدة في الأنظمة الديمقراطية، لمعرفة توجهات المواطنين، حتى و إن كانت الانتقادات التي تطالها لا تخلو من وجاهة. كما أن استطلاعات الرأي أداة لسبر ميولات الرأي العام و أيضا لتوجيهه.
و من هذه الزاوية فإن قيس سعيد، هو بشكل من الأشكال ظاهرة استطلاعية، إذ فرضته عمليات سبر الآراء في لحظة معينة، و عكست إلى حد ما أخذ يكتسبه من تأثير على الرأي العام، و ساعدته على تطوير هذا النفوذ، إلى أن دخل قصر قرطاج.
لكن لأول مرة منذ سنتين على الأقل، تتراجع مكانة قيس سعيد لدى الرأي العام، ليصل إلى نسبة ثلاثين بالمائة، خاسرا عشر نقاط في شهر واحد، وهو رقم مهم ونقدر أنه سيكون له ما بعده.
نتائج إستطلاع الرأي الذي انجزته ” سيغما كونساي ” و نشرته اليوم جريدة ” المغرب “، تمثل في مستوى الرأي العام وكذلك السياسيين من مختلف الحساسيات، تأكيدا على نهاية قيس سعيد السياسية، و تعكس تبرما متزايدا من “أسلوبه في الحكم”، و لا نقول سياساته لأن صاحب ” الشعب يريد ” ، أثبت أنه يجسد الدرجة الصفر من السياسة، إذ لا نجد له في سنتين من تولي رئاسة الجمهورية إنجازا واحدا.
قيس سعيد رئيس جمهورية خارج السياق، وكما قال على نفسه “من كوكب آخر”، و يثبت يوما بعد يوم أنه بعيد عن اللحظة و رهاناتها، و أن التونسيين و التونسيات ينظرون له كأحد عناوين مأساتهم، التي تتواصل منذ سنوات.
و مما يضاعف أهمية نتائج إستطلاع الرأي الذي انشرته اليوم جريدة ” المغرب “، أن الشخصيات التي تنافس قيس سعيد على أنصار سردية الثورة و منجزها، قد استرجعت مكانها في سلم إستطلاع الرأي، إذ تجاوز القيادي في حركة “النهضة” عبد اللطيف المكي قيس سعيد بسبع نقاط، و لا يتأخر عنه الصافي سعيد إلا بثلاث نقاط، و يعود منصف المرزوقي من بعيد ليقترب من عشرين بالمائة من أصوات المستجوبين.
و هذا يعني أن قيس سعيد لا يمكن حسب النتائج الحالية أن يلجأ إليه ” التيار الثوري ” ليلتف حوله، إذ أخذت شخصيات بديلة تملأ المكان، حتى و إن كان من الصعب تقديم توقع دقيق منذ الآن لما ستكون عليه الأوضاع لحظة إجراء الانتخابات الرئاسية القادمة.
و لكن ما هو واضح ان قيس سعيد سيفقد نقاطا أخرى في قادم الأشهر، إذ لم يغادر مربع الجعجعة اللفظية الممجوجة، و لم يعوض صواريخه التي تسرب إليها الصدأ بإنجازات، و لم يكف عن نشر الموجات السلبية في كل مرة يتكلم فيها.
خسر قيس سعيد جانبا كبيرا من ناخبيه، الذين نظروا إليه كمنقذ، و أيضا من مسانديه الذين اعتقدوا أنه سيكسب ” الحرب “، التي يخوضها ضد زعيم الاسلاميين ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، و لكن ساكن قرطاج خسر لحد الان كل الجولات مع “الشيخ التكتاك”، وليس هناك في الأفق ما يشير الى أنه قادر على قلب الأوضاع لصالحه، وهو الذي استنفد الكثير من “رصيده الشعبي”، ونتائج سبر الآراء الذي نشر اليوم خير دليل.
Comments