الجديد

هشام المشيشي .. اطلالة اعلامية للنسيان!

خديجة زروق

يصعب إقناع المواطنين أن رئيس الحكومة هشام المشيشي قد حالفه التوفيق في الكلمة القصيرة التي توجه ليلة البارحة للشعب التونسي.

ذلك أن أول ظهور “خطابي متلفز” بعد كلمة نيل الثقة أمام أعضاء مجلس نواب الشعب أظهر أن “الطريق الاتصالي” أمام هشام المشيشي تبقى طويلة حتى يمتلك المهارات الضرورية الدنيا التي تمكنه من الاقناع قبل التأثير بطريقة أفضل على المتلقين، في مشهد سياسي يمثل فيه البعد الاتصالي حجر الزاوية.

لا يتحمل رئيس الحكومة لوحده المسؤولية في الفشل الاتصالي الذي حصل وكان محل تندر حتى من عامة الناس، فافتقاده للخبرة والمهارات كان يمكن تجاوزها ب “كوتشينق” وهو ما نقدر أنه لم يحصل فضلا عن ضعف في الاخراج والتأطير التقني لا يمكن التسامح معه في مثل هذه المناسبات.

كان بالإمكان إخضاع الرجل ل ” تدريب ” مكثف على بعض أبجديات الإلقاء بما يجعل كلمته أقل رتابة و أكثر قدرة على إبراز تفاعل صاحبها مع سياق صعب و دقيق مثل الذي تمر به تونس اليوم.

أداء  هشام المشيشي ليلة الجمعة لابد أن يطوى ويدخل طى النسيان في قادم اللقاءات التلفزية فما شاهدناه البارحة  جعلنا أمام ” موظف كبير” يريد إعلام الرأي العام بقرارات أكثر مما هو “قائد”.

“قائد” يحفز الشعب لمواجهة حرب وجود مع فيروس أربك مختلف مناحي الحياة فضلا عن مرور البلاد بأزمة شاملة ومعقدة الأبعاد والنواحي، وضع صعب يفترض مواجهته بقيادة واثقة من نفسها وقادرة على خلق مسافة ثقة مع شعبها ، وهذا للأسف لم يحصل في أول اطلالة اعلامية للمشيشي في كرسي القصبة.

لم يكن هشام المشيشي مطالبا باستعارة الأساليب المشرقية التي كانت بدورها غير منتجة و لكنه كان مطالبا في مستوى الشكل بتفاعل أكبر و أيضا بوضوح أكبر في ما يتعلق بحقيقة الوضع الوبائي و خاصة بما أعدته الحكومة لمواجهة الوباء و تداعياته .

و في هذا المستوى قد يكون هشام المشيشي أراد أن لا يبيع الوهم و الوعود الكاذبة و هو أمر يحسب له و لكن الإجراءات التي أعلن عنها رئيس الحكومة كانت دون التوقعات و الإنتظارات و لم تكن تحتاج إلى أن يكلف هشام المشيشي نفسه عناء التوجه بكلمة  للرأي العام و أن يحمله تعب الإنتظار إلى بداية السهرة خاصة و أن الكلمة لم تكن مباشرة.

و لا يمكن التفاعل بسرعة مع هذه الكلمة دون التوقف عند الشعار الذي ختم به رئيس الحكومة كلمته (تونس تعيش) و الذي أعاد تذكير المواطنين بسلفيه يوسف الشاهد و الياس الفخفاخ اللذان لم يفلحا إلا في ” ابتكار ” شعارات تدل على تطلعات سياسية فردية و هو ما جعلهما يفشلان في خلق ديناميكية سياسية مجتمعية و في المضي بعيدا في حلمهما الفردي.

و رغم الهنات فقد تكون كلمة هشام المشيشي البارحة مدخلا لرئيس الحكومة ليعيد ترتيب أولوياته و لتحديد تموقعه في إدارة الدولة و في مواجهة الأزمات العديدة التي تواجه البلاد فالأزمات هي التي تمثل أفضل امتحان لكفاءة المسؤول و لقدرته على الإستفادة من أخطائه و تجاوزها .. وهذا ما نأمل في قادم الأيام.

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP