هل يحضر العاهل المغربي قمة الجزائر العربية ؟
تونس- التونسيون
أفادت مجلة “جون أفريك” استنادا إلى ما وصفتها بـ”المصادر المطلعة للغاية” بأن العاهل المغربي الملك محمد السادس سيشارك في القمة العربية المرتقبة في الأول والثاني من شهر نوفمبر القادم بالجزائر.
وأشار المصدر ذاته إلى أن هناك اتصالات بين السلطات المغربية وعدد من دول الخليج لإبلاغها بأن العاهل المغربي “سيشارك شخصيا” في القمة الحادية والثلاثين لجامعة الدول العربية.
وفي الوقت الذي لم يصدر أي تأكيد أو نفي رسميين للخبر الذي نشرته المجلة الفرنسية، تتباين آراء محللين بين من يرى أن مشاركة العاهل المغربي في هذه القمة “مستبعدة” لعدة اعتبارات، ومن يراها “واردة” ولكن في ظل توفر شروط معينة.
مشاركة واردة
واعتبر الصحفي الجزائري عثمان لحياني في مقال له في يومية “العربي الجديد” أنه “قد يكون تسريب الخبر قبل الإعلان الرسمي يستهدف اختبار ردّ فعل الجانب الجزائري، على صعيد التعاطي السياسي والإعلامي. لكنه على المستوى العملي، وكيفما كانت الأسباب والدوافع التي أفضت على مستوى المؤسسة الرسمية في المغرب إلى قرار مشاركة الملك محمد السادس شخصياً في قمة الجزائر، فإنه أمر يفرض التعاطي معه بالإيجابية المطلوبة، وبالقدر الذي يجعل منه فرصة، أو ربع فرصة حتى، لفكّ ما أمكن من عقدة الأزمة المستحكمة بين البلدين، واستغلال كلّ إمكانية متاحة أو مؤدية إلى ذلك”.
وتابع لحياني بما يفسر فرضية حصور الملك المغربي واردة في قمة الجزائر العربية المقبلة بالعودة للتاريخ قائلا: “تتشابه ظروف العلاقات ومنسوب التوتر السياسي بين الجزائر والمغرب، أو تكاد، مع نفس الظروف عشية ثلاث قمم عربية سابقة احتضنتها الجزائر، لم يغب المغرب عن أيّ منها: في قمّة نوفمبر 1973، وفي قمّة يونيو/حزيران 1988، وفي قمّة مارس/آذار 2005. وسواء كان ذلك الحضور رغبةً من المغرب في تحقيق غايات سياسية أو التزاماً بالمُشترك العربي، فإنها كانت كلّها محطات كُسر فيها جليد، وتمّت خلالها لقاءات نادرة بين قادة البلدين، وفتحت فيها نافذة وسُمع فيها أزيز باب”.
مشاركة مستبعدة
و في تصريح لموقع “أصوات المغاربي”، يستبعد المحلل السياسي المغربي، محمد شقير، إمكانية مشاركة العاهل المغربي في القمة العربية المرتقبة بالجزائر، وذلك لعدة اعتبارات من بينها صفة المبعوث الجزائري الذي حمل دعوة حضور القمة، وطبيعة العلاقات بين البلدين في الوقت الراهن.
وقد جاء في بلاغ سابق للخارجية المغربية أن وزير العدل الجزائري بالمملكة حمل دعوة لحضور القمة بعد كل من السعودية والأردن، “في حين سيسلم وزير الداخلية الدعوة نفسها إلى القمة لتونس وموريتانيا”.
ويرى شقير أن “طبيعة المبعوث الجزائري الذي سيحمل دعوة حضور القمة لا تؤشر على إمكانية مشاركة العاهل المغربي”.
إضافة إلى “طبيعة المبعوث”، يرى شقير أن “الأجواء المتوترة بين البلدين والتي وصلت حد القطيعة الدبلوماسية ورفض الجزائر اليد الممدودة التي أعلن عنها العاهل المغربي عدة مرات” بدورها تدعم استبعاد إمكانية مشاركة الملك محمد السادس في القمة.
قطع العلاقات
وكانت الجزائر قد أعلنت في أغسطس من العام الماضي قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، ثم أعلنت بعد ذلك بشهر إغلاق المجال الجوي الجزائري أمام كل الطائرات المدنية والعسكرية المغربية.
وفي ظل هذا الوضع، يرى المحلل السياسي المغربي أن “أي مشاركة من طرف المغرب على مستوى أعلى هيئة تعني بأن هناك تصفية للأجواء واتفاقا على طي صفحة العلاقات المتوترة بين البلدين وأعتقد أن هذه المسألة غير واردة حاليا إلا إذا كان هناك شيء في الكواليس ومحاولة من الجزائر للتراجع عن موقفها” قبل أن يستدرك مؤكدا أن “هذا أمر مستبعد”.
وتبعا لذلك، يستبعد المتحدث مشاركة العاهل المغربي في القمة المرتقبة بداية نوفمبر القادم، مشيرا إلى إمكانية اقتصار التمثيلية المغربية في الحدث على وزير الشؤون الخارجية.
وقال المحلل السياسي ورئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، محمد بودن، لموقع “أصوات مغاربية” أن إمكانية مشاركة العاهل المغربي “تبقى واردة”
وتابع بودن موضحا أن تلك المشاركة في حال حدوثها ستأتي “بعد دراسة مستفيضة لكل الأبعاد وبعد اتصالات مكثفة مع أطراف وازنة في المجموعة العربية” إضافة إلى الاطلاع على “عدد من الجوانب والمعطيات الأساسية”.
ويشير بودن إلى بعض تلك الجوانب من قبيل “شكل الاستقبال في المطار، توقيت تناول الكلمة، البيان المشترك،…” وقبل ذلك كيفية دخول الوفد المغربي للجزائر “في ظل قطع الجزائر الأحادي للعلاقات مع المغرب ومنع تحليق الطائرات المغربية في الأجواء الجزائرية”.
إضافة إلى ذلك، يلفت المتحدث إلى أن إمكانية المشاركة مرتبطة أيضا بالقمة “هل ستكون مثل القمم السابقة، أم ستكون هناك إرادة من مختلف الأطراف العربية لإعطاء روح جديدة لجامعة الدول العربية التي تبقى منظمة إقليمية عريقة”..
وبرأي الصحفي الجزائري عثمان لحياني فان سياق وظروف القمة المقبلة مختلفة عن التي سبقتها وتمت في الجزائر وشارك فيها العاهل المغربي مشيرا الى أنه “ما من شك أن المسافة متباعدة بين الجزائر والمغرب على صعيد المواقف والقضايا الخلافية، كما أن السياقات الحالية تختلف كلّية عن الظروف السابقة. وربما أضافت العوامل الطارئة، وفي مقدمتها التطبيع، وإصرار الرباط على ترسيخ علاقاتها مع الكيان الصهيوني، مزيداً من القواطع الصلبة. وقد لا تتيح ظروف القمّة ومجرياتها مناقشة القضايا الثنائية والأزمة السياسية الحادة بين البلدين، لكن لا شيء يمنع استغلال القمة، لمصارحةٍ ومكاشفة تضع نقطة بداية لوضع الأزمة على الطاولة بدلاً من الهروب إلى المجاهيل”.
وكانت الجزائر في الأشهر الماضية، قد رفضت أي ربط بين انعقاد القمة العربية في الجزائر والتدخل في علاقاتها مع المغرب، في ظل الحديث المتكرر عن مساعي وساطة لعدد من القادة العرب لتقريب البلدين. وسارع وزير الخارجية رمطان لعمامرة في أيار/ مايو الماضي، لتكذيب أخبار وجود وساطة سعودية، على خلفية زيارة وزير الخارجية السعودي للجزائر، قائلا: “لا توجد وساطة لا بالأمس ولا اليوم ولا غدا”، لوجود “أسباب قوية تُحمّل الطرف الذي أوصل العلاقات إلى هذا المستوى السيئ المسؤولية كاملة غير منقوصة”. وتكرر الحديث عن وساطة سعودية بين الجزائر والمغرب، بسبب وجود سابقة تاريخية استطاع فيها الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز إعادة العلاقات بين البلدين سنة 1988، بعد قطيعة استمرت 12 سنة.
Comments