هل “يُريد” قيس سعيد إسقاط حكومة المشيشي؟ّ
خديجة زروق
كشف رئيس الحكومة المُكلّف على تشكيلة حكومته، وحدد مكتب مجلس النواب جلسة يوم الثلاثاء غرّة سبتمبر تُعرضُ فيها لنيل الثقة. وتواترت منذُ ذلك الحين بيانات وتصريحات الأحزاب ورؤسائها ومجالسها الوطنية بين مُرحّب بهذا التشكيل الحكومي، ورافض له ومتردّد لم يحسم أمره بعد. وتلك أمور في السياسة نعتقد أنها من صميم المناورات ومفاوضات الربع ساعة الأخير. ولئن كان السؤال يتعلّق بمدى قدرة السيد المشيشي في النجاح بإقناع غالبية النواب للتصويت له وحكومته، فإن السؤال الأكثر غرابة يتعلّق بنوايا رئيس الجمهورية نفسه. إذ تواترت أحداث، جعلت “بعض الإشاعات” ذات وجاهة. فهل يُريد رئيس الجمهورية الإطاحة بحكومة المشيشي؟
لم يكن هذا السؤال مُمكنا لولا توتر مجموعة من الوقائع التي لا تقود إلا إليه. أولها ليلة الإعلان على التشكيلة وما رشح عنها من أخبار، إذ لم يعد خافيا ان التأخير الكبير الذي رافق عملية الإعلان تعلّق أساسا بصراع “لا نعرف أطرافه” حول بعض الوزارات، التي تم تغيير بعض تسمياتها. وليس أدل من التداخل في اسم وزير التجهيز الذي احتاج فيه رئيس الجمهورية لإرسال مكتوب “للتصويب” لمكتب رئاسة المجلس.
ثاني هذه العلامات هو ما أتاه رئيس الجمهورية تُجاه وزير الثقافة. إذ بعد ان أعلنت مصالح رئيس الحكومة المُكلّف ان هشام المشيشي عدل عن ترشيحه، يُفاجئ الرئيس الجميع باستقباله وتثبيته، في حركة رأى فيها المٌراقبون عملية “سطو” على صلوحيات رئيس الحكومة المُكلّف وحركة سياسية مفتقدة للذوق الدستور.
وفي الوقت الذي يستقبل فيه رئيس الجمهورية الياس الفخفاخ ورئيس مجلس نواب الشعب، تتواتر الأخبار على صفقة يتمّ الإعداد لها بين الرؤساء الثلاث. صفقة يتم بمقتضاها الإطاحة بحكومة المشيشي مقابل التزام الرئيس قيس سعيد بعدم حلّ البرلمان وبتعزيز حكومة الياس الفخفاخ في مرحلة أولى بوزراء من حركة النهضة. وقد يكون هذا الاتفاق مرحليا، إذ يتم بعده فتح حوار وطني جدي، تكون مُخرجاته تغيير النظام الانتخابي والذهاب الى انتخابات نهاية السنة المُقبلة.
ان الصمت الذي اختاره رئيس الجمهورية وسيلة للتواصل مع الفاعلين السياسيين، والقطيعة التي يفرضها مع الأحزاب والإعلام، تزيد في تغذية هذه الأخبار، خصوصا وان الرئيس المُكلّف اكتفى في ظهوره الإعلامي بتلاوة ما كُتب على الأوراق. ولقد استغلت بعض المبادرات التي “تدعي” التكلّم باسم الرئيس هذا الغموض لتشن حملات على الرئيس هشام المشيشي، بل ان “حزب الشعب يُريد” دعا في بيان له المشيشي الى “ردّ الامانة” للرئيس والاستقالة قبل جلسة نيل الثقة.
ورغم ان هذا الحزب لا يبدو انه على لعاقة مباشرة بتنسيقيات مساندة الرئيس، فإن عدم صدور ما يدلّ على التبرؤ منه يجعل الوضعية مُثيرة للاستغراب، وتخلق مناخا مناسبا للأخبار والسيناريوهات الغريبة. ونحن نعتقد انه حتى وان مرّت حكومة المشيشي فإنها ستكون مُحاصرة من الجميع، حتى من الرئيس الذي اختارها. وهي مؤشرات لن تزيد الوضع في تونس إلا سوءا.
Comments