هيئة الحقيقة والكرامة .. بين القضاء والقانون
أمال الورتتاني *
تحت عنوان العدالة الانتقاليّة، ومنذ نشأتها أثارت هيئة الحقيقة و الكرامة، الكثير من الجدل حول طبيعتها القانونيّة، حيث أنّها لم ترد في الباب السادس من الدستور، الذي عدّد الهيئات الدستورية الخمس على وجه الحصر، و إنما وردت في باب الاحكام الانتقالية و تحديدا الفصل 148و الذي ألزم الدولة بتطبيق العدالة الانتقالية في المدة الزمنية المحدد لها. .
انتصبت السيدة “بن سدرين”، على عرش العدالة ونصبت شراع الحقيقة و ألغت شرعيّة القانون و المؤسسات، فالهيئة الموقّرة و القائمة على المساءلة و المحاسبة و استرداد الحقوق، قراراتها فاقدة للشرعية نظرا لعدم توفر النصاب القانوني طبقا لاحكام القانون.
كما رفضت رئيسة الهيئة الانصياع لقرارات المحكمة الاداريّة بل و دون سابق اعلام حاولت نقل الارشيف الوطني إلى مقرّ هيئتها لولا تدخّل الامن الرئاسي في الوقت المناسب وشككت في انجازات دولة الاستقلال الى الحدّ الذي جعلها تثير الريبة حول معاهدة الاستقلال معتمدة في ادّعائها على وثيقة سحبتها من موقع الكتروني فرنسي راجع للارشيف الفرنسي.
و نظرا لكونها فشلت خلال المدّة القانونية في انهاء اشغالها بادرت بإيداع مكتوب لدى مكتب مجلس النواب تعلمه بالتمديد لنفسها بنفسها لمدة سنة اضافية, قابله المجلس بالرفض في جلسة عامّة بتاريخ 26 مارس 2018 ليحّدد تاريخ 31 ماي 2018 أجلا لاتمام مهامها طبقا لاحكام الفصل 18 من القانون عدد 53 لسنة 2013 أعلنت بدورها رفضه خلال ندوة صحفية عقدتها بتاريخ 28 مارس مؤكدة أنّ القضاء مازال يتعامل مع الهيئة بصفتها قائمة الذات.
وتجدر الأشارة الى أنّ رئاسة الحكومة قامت بمراسلة الهيئة لإعلامها بإنتهاء أشغالها قبل موفى ماي 2018 و بعدها بيومين فقط و تحديدا يوم 24 ماي 2018 أصدرت وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان بيانا مشتركا مع الهيئة كلَّفها بـ”الايفاء بالالتزامات المحمولة عليها قانونا كما أشار هذا البيان الغامض الى أنّ الهيئة والوزارة “بصدد التنسيق من أجل إنجاح منظومة العدالة الانتقالية وتواصله.
وللتذكير فإن الفصل ال 3 من القانون الأساسي عدد 17 لسنة 2014 والمؤرخ في 12 جوان 2014 ينصّ أنه “في صورة إحالة هيئة الحقيقة والكرامة ملفات إلى النيابة العمومية عملا بالفصل 42 من القانون الأساسي عدد 53 لسنة 2013 المتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها فإن النيابة العمومية تحيلها آليا إلى الدوائر القضائية المتخصصة المنصوص عليها بالفصل 8 من نفس القانون الأساسي.
بمجرد إحالة النيابة العمومية الملفات إلى الدوائر المتخصصة فإنها تكون صاحبة أولوية التعهد بها مهما كان الطور الذي تكون فيه”. في الاثناء تابعت بن سدرين عملها معتمدة على الفصل 148 من الدستور و الذي يلزم الدولة بتطبيق منظومة العدالة الانتقالية وينص على أن الجريمة والعقاب لا يسقطان بمرور الزمن، ولا يُقبل الدفع بعدم رجعية القوانين و أحالت ملفاتها على الدوائر المختصة.
في خضّم هذا الواقع السياسي المتأزم و في الوقت الذي يتطلّع فيه الجميع للمحطات السياسية المقبلة و اعتمادا على قانون جائر يتنافى مع ابسط قواعد العدالة و حقوق الانسان صدر في شأن الوزير الاخير للداخلية في عهد النظام السابق احمد فريعة مؤخرا حكم بتحجير السفر في ملف سبق البتّ و الحكم فيه من قبل المحكمة العسكرية، التي قرّرت حكما نهائيا بعدم سماع الدعوى. والحال ان السيد احمد فريعة تحملّ مسؤولية البلاد لمدة ال 48 ساعة الاخيرة في فترة عصيبة ما كان لأحد ان يتجرأ على ذلك لولا منسوب الوطنية المفرط عنده, حيث أصدر تعليماته خلالها بتجنّب اللجوء للقوة و الحفاظ على الارواح. مواقف و قرارات أكدّها السيد أحمد نجيب الشابي من خلال شهادة نشرها على صفحته في الفايسيوك.
- ناشطة سياسية
Comments