وزراء الفيسبوك .. و ” هسترة النقاش العام ” !
خديجة زروق
طغت تدوينتان لوزيرة الشؤون الثقافية و المحافظة على التراث شيراز العتيري على صفحتها في موقع ” الفايسبوك ” نهاية الأسبوع على اهتمام قطاعات واسعة من الرأي العام و الناشطين السياسيين و ” الفايسبوكيين ” .
شيراز العتيري اعتبرت في تدوينتها الأولى أن الشعب التونسي في حاجة للتربية على الثقافة. هذه التدوينة التي صاغتها الوزيرة المثيرة للجدل بلغة موليار اتخذها خصومها مدخلا لتطوير الهجوم عليها من خلال ” اتهامها ” بالتعالي و باحتقار الشعب التونسي و اتهامه بالامية الثقافية و ذهبوا بتأويل التدوينة إلى حد الدفع نحو ” هسترة النقاش العام ” بما يؤدي إلى افساده.
هذه “الحملة ” دفعت الوزيرة للاعتذار من خلال تدوينة كتبتها باللغة العربية و سحبت فيها العبارة المثيرة للجدل و إن كانت أشارت إلى انه لكلمة ” التربية على الثقافة ” دلالات إيجابية. هذا الارتباك الاتصالي لا تعاني منه وزيرة شؤون الثقافة و المحافظة على التراث شيراز العتيري بل وقع فيه البارحة أيضا وزير الصحة عبد اللطيف المكي الذي يبدو أكثر انخراطا في “الحراك الفايسبوكي “. إذ كتب تدوينة لتوضيح الأمور في علاقة بوضعية شكري حمودة قبل أن يسحبها لأن المتفاعلين لم يقتنعوا بها.
سلوك الوزيرين يبرز ما يشبه ” الخضوع ” لسطوة رواد التواصل الاجتماعي و يطرح عدة أسئلة يرتبط بعضها بالوقت الذي يخصصه عدد من أعضاء الحكومة لمراقبة صفحات و مواقع التواصل الإجتماعي و التفاعل معها و أيضا حرص بعضهم على الحضور بشكل مكثف في وسائل الإعلام و هو ما يطرح أسئلة حول الوقت الذي يخصصونه لإدارة وزاراتهم و التمكن من ملفاتهم.
هذا الشغف بوسائل الإعلام يخلق رد فعل عكسي لدى المتلقي إذ يصبح المتحدث وجها مألوفا و “ثرثارا” و يفقد رسالته بعض “العلوية المعنوية ” الضرورية لبناء مصداقيتها. و يتسبب الظهور المتكرر في ضعف التركيز و ” توتر الأعصاب ” و هو ما يؤدي إلى الانزياح من جوهر الرسالة المراد إيصالها إلى منزلقات هامشية و هو ما وقع فيه عبد اللطيف المكي مثلا في رد فعل غاضب ضد الصحفي خليفة شوشان.
المعركة ضد الكورونا صعبة و غير مسبوقة و لا نرى تونسيا لا يرغب في أن تكسبها الحكومة و لكن لهذه المعركة جانبا اتصاليا شديد الأهمية و هو ما يفرض على الحكومة أن تسارع بتعديل الأوتار و ايقاف الارتباك الاتصالي الذي يتراوح بين صمت مطبق من بعض الوزارات بما فيها مصالح الإتصال برئاسة الحكومة في بعض الأحيان إلى تناقض و غياب التضامن الحكومي بين الوزراء أحيانا أخرى…تبني استراتيجيا حكومية موحدة و مبنية على أسس علمية أصبح أكثر من ضروري و أمرا عاجلا لا ينتظر و لا يقبل الارجاء.
Comments