وزراء النداء يرفضون الانسحاب من حكومة الشاهد .. ديمقراطية تونس بلا أحزاب قوية وديمقراطية !
كتب: منذر بالضيافي
مثلما كان متوقعا، أعلن الوزراء المنتمين ل”نداء تونس”، عن رفضهم دعوة القيادة المركزية للحزب، الى الانسحاب من حكومة الشاهد الثالثة، التي اعلن عنها رئيس الحكومة يوسف الشاهد، مساء يوم الاثنين الفارط. كما يتوقع وفق “تسريبات” أن يمنح عدد من نواب “نداء تونس” ثقتهم للحكومة الجديدة، خلال الجلسة العامة، التي ستنتظم صبيحة يوم الاثنين 12 نوفمبر بقصر البرلمان بباردو، والتي ستخصص لمنح الثقة للوزراء الجدد.
تجدر الاشارة الى حزب “نداء تونس” يعيش أزمة بلا نهاية، نجم عنها تفكك هياكله وكذلك كتلته البرلمانية، و انشقت منه عدة كتل برلمانية وأحزاب سياسية، وهو ما جعل دوره في المشهد السياسي يتراجع، برز ذلك بوضوح في الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من نصف سنة، وبرزت من خلال صراع مفتوح بين راسي السلطة، رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، كشفت عن ضعف وتراجع دور الرئيس، وهو نتيجة حتمية لتفكك حزبه وفقدانه خاصة لثقله البرلماني.
كما هناك شبه إجماع على أن أزمة “نداء تونس” قد أربكت المشهد المجتمعي والسياسي فضلا عن تعطيلها لمؤسسات الحكم سواء البرلمان أو الحكومة”، ولعل تحرك رئيس الحكومة يوسف الشاهد، والحزام السياسي وخاصة النيابي الذي حوله، يشير إلى أن الشاهد قد حسم أمره في العلاقة بحزبه القديم، وانه عازم على تأسيس حزب جديد، يرجح أن تكون الكتلة البرلمانية – الائتلاف الوطني – ممهدة لنشأة هذا الحزب السياسي الجديد بقيادة رئيس الحكومة، و هو السيناريو الأقرب”، ولا نتوقع أنه سيتأخر كثيرا.
تجدر الإشارة، إلى أن الخارطة الحزبية في تونس، تعرف أزمة هيكلية وبنيوية متجذرة، كانت ولا تزال عائقا أمام بناء أحزاب قوية وديمقراطية، وهي الضمانة الأساسية لحماية وتأمين أي تجربة ديمقراطية، فلا يمكن أبدا تصور ديمقراطية، بدون أحزاب جماهيرية و ديمقراطية في تسييرها.
برزت وتأكدت أزمة الحياة الحزبية، من خلال تعدد الأزمات والصراعات داخل هذه الأحزاب، من ذلك أن أحزاب “كبيرة” فازت في الانتخابات وشاركت في الحكم قد اندثرت من الساحة، على غرار حزب “المؤتمر من أجل الجمهورية” الذي كان يتزعمه الرئيس السابق المنصف المرزوقي، وحزب “التكتل” بزعامة رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفي بن جعفر، الذي شارك في حكم الترويكا مع حركة “النهضة”.
كما اندثرت أحزاب عرفت بنضالها خلال فترة حكم الرئيس الأسبق بن علي، على غرار الحزب الديمقراطي التقدمي، بزعامة السياسي المخضرم أحمد نجيب الشابي، وهو حزب توارى نهائيا من الساحة وغير ممثل في البرلمان.
ولعل الحزب الوحيد الذي حافظ على استمراريته هو حركة “النهضة” الإسلامية، وهو يفسر بخصوصية هذا الحزب، الذي نجد في الواقع أنه أقرب إلى “الجماعة” العقائدية المغلقة، منه إلى الحزب السياسي العصري، ولعل هذا ما يفسر استمرار تماسكه ووحدته التنظيمية، ولعل الإبقاء على راشد الغنوشي زعيما للجماعة منذ التأسيس في سبعينات القرن الماضي إلى الآن، دليل على أن هاجس “وحدة الصف” هي التي تغلبت على بعض الخلافات أو التباينات، حتى وإن وجدت بصفة محتشمة.
Comments