2021: نهاية “منظومة الثورة” .. 2022: تونس الى أين ؟
هشام الحاجي
يصعب على أغلب التونسيين و التونسيات ان ينسوا بسهولة سنة 2011 التي ودعناها منذ يومين. لن تمحى هذه السنة بسهولة من الذاكرة الجماعية لأنها كانت بكل المقاييس سنة مفصلية و استثنائية سواء من حيث الأحداث التي حفلت بها أو من حيث تداعيات هذه الأحداث على المستقبل القريب لتونس.
يمكن اعتبار هذه السنة سنة الحقيقة التي عرت سلبيات عشرية غير مسبوقة من الفشل الشامل و المعمم و الإصرار على التمادي في الخطأ. استنفذت العشرية الأخيرة كل احتياطي ممكن سواء تعلق الأمر بالثروات أو بالصبر و الأمل.
و هو ما جعل 25 جويلية 2021 الفارط يوما فارقا في مسار عشرية ” الثورة التي أبهرت العالم ” لأن ذلك اليوم حمل معه إعلان نهاية المنظومة التي تولت مقاليد الأمور منذ 14 جانفي 2011 .
لا يمكن الحديث عن هذا اليوم ( 25 جويلية 2021 ) و تداعياته دون التوقف عند الفاعل الرئيس فيه و هو الرئيس قيس سعيد . الذي تحول الى ” منقذ للمسار” و ” رمز الثورة ” ، وهو الذي شرع في تصفية “ارث العشرية” و ابرز الفاعلين السياسيين فيها، ونعني هنا تيار الإسلام السياسي، ممثلا في “حركة النهضة” التي أخرجها الرئيس سعيد من الحكم، بعد ان كانت حجر الزاوية فيه طيلة عشرية كاملة.
لا شك ان مفصلية سنة 2021 تعني أنها شهدت أحداثا و وقائع ستؤثر في السنة الجديدة 2022 و السنوات التي تليها ايضا.
ان ما قام به قيس سعيد كونه أنهى نظاما سياسيا هجينا تعمد واضعوه التباطؤ في إستكمال بنيانه و تصرفوا معه بمنطق ” التمكين ” و ” الغنيمة ” و ” الموالاة ” .و لكن لا يوجد الى حد الان ما يدل على ان قيس سعيد لن يعيد إنتاج منطق ” التمكين ” و ” الغنيمة ” و ” الموالاة ” .
كما أنه يبدو من الصعب ان يقطع قيس سعيد مع ” النمط التنموي ” المتبع بل يبدو ، حسب قانون المالية الذي يحمل بصماته ، أقرب إلى تعميق سلبيات هذا النمط من خلال تعميق دور الجباية و ” الانصياع ” أكثر لطلبات و اكراهات صندوق النقد الدولي.
قد يكون قيس سعيد “مكرها” لأنه ورث سلبيات عشرية من الانفاق غير المدروس و الاقتراض المريب و لكنه سيتحمل تبعات ما سيتخذ في ظل ولايته من إجراءات. و ما دامت سنة 2021 تتأهب أصبحت خلفنا فإنه من الضروري التفكير في ما يمكن توقعه من السنة الجديدة.
لافت للانتباه ان التشاؤم هو الإحساس السائد و الطاغي على التونسيين في ما يتعلق بتوقعاتهم من السنة التي حلت – 2022- و هو ما يمثل في حد ذاته مؤشرا على ضبابية الأفق و على ان العشرية الأخيرة لم تكن عشرية ثورة لأن التفاؤل هو الشعور الطاغي في الثورات و دمرت أيضا الدولة لأن التوقع و التخطيط هو من سمات الدولة.
ندخل سنة 2022 في ظل تنامي المخاوف من ان ينزلق الفرقاء من الأزمة إلى الانسداد و العنف خاصة و ان الخطاب السياسي قد تحول إلى خطاب كراهية و عنف و غاب كل توجه للحوار و النقد الذاتي.
يضاف إلى ذلك التوتر المتنامي في العلاقة بين الاتحاد العام التونسي للشغل و رئيس الجمهورية و هو توتر يمكن ان يتحول إلى مواجهة مباشرة ستزيد – لو حصلت – في تعميق الأزمة الإقتصادية.
لا يوجد ما يشير إلى إمكانية الخروج من المتاهة التي خلقها تمكن الهواة من مقاليد الدولة على امتداد العشرية الأخيرة.
لكن الثابت أن السنة الجديدة تحمل معها عزوف أغلب التونسيين و التونسيات من الشأن العام و الإلتزام السياسي ، كما ستحمل في طياتها نهاية الدور السياسي للعديد من القيادات والرموز السياسية وخاصة رئيس النهضة راشد الغنوشي الذي غرق في المناورات الصغرى و المتوسطة و لم يفد الديمقراطية.
كما لا أعتقد ان قيس سعيد سيكون أفضل حظا و هو الذي لم يغادر دائرة اعتبار الجميع متآمرا عليه و الذي سيتحمل في ظل احتكاره للسلطة ، تبعات ما سيتخذ من إجراءات و قرارات.
ستكون سنة قوامها توازن الضعف الذي يحول دون الابتعاد عن المتاهة في ظل خضوع الطبقة السياسية لمنطق التفصي من المسؤولية و استبلاه الآخرين و غمموض ” نوايا ” دول القرار في شأننا و في ما يريدون لنا.
Comments