في ذكرى “ثورة الفاتح”.. ماذا بقي من نظام القذافي في ليبيا؟
تعود سنويا ذكرى “ثورة الفاتح” (سبتمبر) لذاكرة الشعب الليبي مجددة تباينا في الآراء حول ما تبقى من النظام الذي جاء على إثر “انقلاب عسكري” أسس لحكم “مثير للجدل” دام زهاء أربعة عقود في هذا البلد المغاربي.
وأظهرت مقاطع تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي عودة الأعلام الخضراء (علم ليبيا في عهد العقيد الراحل معمر القذافي) لبعض المناطق في ليبيا كشوارع مدن بني وليد، وسرت، (٤٥٠ كلم شرق طرابلس) عبر من خلالها المناصرون لتلك الحقبة عن وفائهم لذكرى العقيد الذي حكم البلاد لأكثر من ٤٠ سنة.
وفي يوم 1 سبتمبر عام 1969، قامت حركة “الضباط الوحدويين الأحرار” في الجيش الليبي بزعامة القذافي، بإطاحة الملك إدريس السنوسي، والاستيلاء على الحكم، في ما عرف لاحقا بـ”ثورة الفاتح من سبتمبر”.
لكن هذا النظام أطيح به إثر احتجاجات شعبية ضد نظام القذافي اندلعت في 17 فبراير 2011، تلاها نزاع مسلح أسفر عن قتل القذافي على يد مسلحين معارضين له فى مدينة سرت يوم 20 أكتوبر 2011، لتنتهي مسيرة الفاتح الذي “أثر كثيرا في ليبيا وفي سياساتها وتاريخها”.
هل انتهى النظام؟
ردا على هذا السؤال يرى الكاتب والمحلل السياسي الليبي أحمد العيساوي، أن “نظام القذافي لم يبق منه سوى الأنصار على الأرض” وذلك راجع من وجهة نظره لـ “الرفض الدولي ومن القادة السياسيين والأحزاب التي ظهرت بعد ثورة فبراير”.
وأضاف المتحدث أن “المشروع السياسي الذي يقوده سيف الإسلام القذافي نجل العقيد الراحل يراه أنصاره مخرجا لليبيا من الأزمات الحالية”، مستدركا أن “عودة هذا المشروع غير ممكنة إلا بوجود صفقة متعددة الأطراف بين اللاعبين الدوليين والمحليين”.
وبالنسبة لقوة المناصرين قال العيساوي، إن “داعمي النظام السابق منتشرون بكثرة في المناطق الجنوبية والغربية ومن بينهم قبائل ذات نفوذ واسع”، مشيرا إلى أن نشاطهم “أصبح مقتصرا على التعبير عن آرائهم على منصات التواصل الاجتماعي أو الخروج في الذكرى السنوية للثورة”.
وفي ختام حديثه قال المتحدث، إن “ثورة سبتمبر أضافت لليبيا في بعض المجالات كما أضافت لها أيضا ثورة فبراير”، معتبرا أن الحل في المستقبل لابد من أن “يجمع بين أنصار وممثلي الاتجاهين بكل خلفياتهم وأفكارهم المتعددة”، مشددا على أن ذلك “من مصلحة المشروع القادم”.
تشتت في الجبهات
وحول داعمي نظام القذافي وحركة فاتح سبتمبر قال الخبير في الشأن الليبي محمد الشاوش، إنه “رغم القاعدة الشعبية التي ما زال يتمتع بها النظام الليبي السابق إلا أن جهودها مشتتة ما بين الداعمين لسيف الإسلام القذافي والجبهة الشعبية وفئات أخرى متوزعة داخل الساحة السياسية”.
وأضاف المتحدث أن “المشهد السياسي اليوم يعتبر أن أفكار فاتح سبتمبر باتت تعتبر من التاريخ البعيد”، مشيرا إلى أن “هذا الحراك لم يكن مقتصرا على نظام القذافي فقط إبان حركة ١٩٦٩ لكن القذافي انفرد بالمسار بعد إقصاء ٧٥ ضابطا شاركوا معه في نفس المسار”.
وأردف الشاوش، أن من أكبر المشاكل التي تواجه أنصار النظام السابق “الذي يشارك جزء منه في تسيير الأمور حاليا” هو عائق “المجتمع الدولي الذي كان جزءا من معادلة إسقاط ذلك النظام” مشددا على أن أي محاولة لإعادة بناء النظام ستتطلب “معادلة جديدة بحسابات محلية ودولية” وهو ما استبعد المتحدث حدوثه في ظل الواقع الحالي.
Comments