25 جويلية 2021: للمقدمات نتائج .. السياق الاجتماعي و السياسي
كتب: منذر بالضيافي
بعد الاحد 25 جويلية 2021، الثابت والذي لا يرتقي له الشك، ان تونس دخلت مرحلة جديدة، والثابت ايضا انها ستقطع نهائيا مع التي سبقتها.
ونعني هنا مع مرحلة العشرية 2011/2021، فالذي يقود الحراك الجديد ، هو الرئيس الذي تحصل على انتخاب مباشر بنسبة عالية، والذي احدث صعوده زلزالا في المشهد السياسي.
وهو ما لم تستوعبه الطبقة السياسية، وخاصة التي في الحكم وتحديدا حركة النهضة ، التي واصلت التعاطي مع الأوضاع بنفس منطق واليات و ” ثقافة” ما قبل انتخابات 2019.
استمرت بنفس ” السياسات “، التي ساهمت في اضعاف الدولة وتفقير المجتمع، لصالح الاقتصار على الصراع حول السلطة و ” التمكين” لمشروعها السياسي والمجتمعي و ارتباطاته الخارجية.
وهو ما ولد حالة غضب مجتمعي غير مسبوقة، زادت الأزمة الاقتصادية والفشل في ادارة الحرب على الوباء ( قرابة 20 الف وفاة)، في تحويلها الى احتقان ارتقى الى رفض واسع لاستمرار حكم تسيطر عليه ” الجماعة”..
التي تم تحميلها مسؤولية الفشل عن كامل المرحلة السابقة، كما تم ابراز حالة ” السقوط الأخلاقي ” الذي ارتدت اليه منظومة الحكم التي يمثل الاسلاميون عصبها وقلبها النابض.
ضمن هذا السياق السياسي و المجتمعي، يجب فهم ما حصل في تونس، لذلك لا يجب الاقتصار على فهم وتحليل ” واقعة 25 جويلية”، من زاوية ” الانقلاب الدستوري، او الاتجاه التآمري في علاقة لما يروج له من وجود صلة او ارتباط بأطراف خارجية، من اجل شيطنته وتاليب الناس عليه وايضا تحريض الخارج عليه.
نجد هذا التفسير تشدد عليه خاصة النهضة ورئيسها الغنوشي، في حين لا تتحمس بقية القوى الوطنية والراي العام الواسع الى الارتكاز لهذا التأويل ، والذين ذهبوا الى اعتبار ما حصل منسجما مع مقتضيات الفصل 80 من الدستور.
الفصل الدستوري الذي استند اليه الرئيس قيس سعيد، حتى وان اعطاه ابعاد تبقى في دائرة التاويل القانوني للدستور، ليحصل بذلك اجماع كبير على ان ما حرك قيس سعيد هو وجود ” خطر داهم”، وبالتالي فان الرجل يتحرك ضمن افق قانوني/ دستوري.
وهو فعلا اجماع – لا نبالغ – بكونه محل اقرار و اجماع من العديد ومنذ فترة طويلة، بعد الفشل الكبير للسلطة في ادارة البلاد، وما برز من ضعف اصبح يهدد الدولة في كيانها وفي وظائفها التي اصبحت عاجزة عن القيام بها، مثلما كشفت ذلك ازمة الكوفيد 19.
ولعل هذا ما يفسر ” تفهم” المجتمع الدولي لما حصل، ولما اقدم عليه الرئيس سعيد، برغم ابدائه لتخوفات حول العودة للاوضاع العادية، ومغادرة الادارة الاستثنائية للبلاد بسرعة، وهي تخوفات معقولة ومتوقعة وعلى الادارة الجديدة تفنيدها في الواقع و الممارسة .
وهو ما التقطه الرئيس سعيد، من خلال تأكيده على بعث رسائل طمأنة للداخل والخارج خاصة، وهو ما ورد في جزء كبير من كلمته بمناسبة تكليفه الغرسلاوي بإدارة وزارة الداخلية، واثناء استقباله اليوم لصحفيين أمريكيين.
وهو ما نتوقع أن يتأكد اكثر وبوضح بعد الاعلان عن الحكومة الجديدة، وعن خارطة طريق المرحلة المقبلة.
Comments