الجديد

منذر بالضيافي

حكومة الضرورة .. ستمر فهل ستعمر ؟

منذر بالضيافي

من المتوقع أن يتم اليوم الأربعاء 26 فيفري 2020 منح الثقة لحكومة الياس الفخفاخ،  برغم ضعف حزامها السياسي والبرلماني خاصة، وهو ما يفسر وضعية المخاض الصعب الذي عرفه مسار تشكيل الحكومة، الذي عرف حالة من المد والجزر بسبب أزمة الثقة التي تشق الائتلاف الحكومي.

وهو ما جعل منها حكومة “الضرورة” بل حكومة “المغالبة”، خصوصا بعد تخيير رئيس الدولة الأحزاب السياسية بين تمرير الحكومة أو حل البرلمان، دفاعا عن حكومة وضع “بقوة” بصماته عليها، لتكون اقرب الى “حكومة الرئيس” في تناقض واضح مع النظام السياسي الذي هو أقرب للبرلماني.

فهل سينجح الرئيس المكلف في “فك الارتباط” مع رئاسة الجمهورية ليكون رئيسا للحكومة لا وزيرا أولا ؟ وما هي شروط النجاح الواجب توفرها حتى تتجاوز الحكومة “عثرات” التشكيل ؟ وحتى تكسب التحديات الكبيرة التي تواجهها في الدخل كما في الخارج؟

تواجه حكومة الفخفاخ صعوبات كبيرة ومعقدة، تتمثل في عدم انسجام الائتلاف الحكومي المكون لها، وهذا ما برز من خلال مفاوضات ومشاورات تشكيلها، حيث لاحظنا توترا في العلاقة بين احزاب الائتلاف.

وبالتالي فان الفخفاخ مطالب ببناء الحد الأدنى من الثقة بين مكونات حكومته، وإلا فان استمرار هذا الصراع بين مكوناتها، سيؤثر على الاستقرار والتضامن الحكوميين، وسيجعلها اقرب الى أرخبيل من الجزر الحزبية، وهو ما سيكون له اثر على مردودها، وأيضا على استمرارها.

كما ان على الفخفاخ، الذي برز طيلة فترة التكليف في صورة ودور وزير اول، اذ انه ظهر اكثر من اللزوم في “جبة الرئيس” قيس سعيد،  لذلك فانه وبعد الحصول على موافقة وثقة البرلمان فلن عليه ان يلبس “جبة رئيس الحكومة”، وان يرسم مسافة عن قرطاج، وهذا لا يعني الصراع بل الانسجام الإيجابي، بين راسي السلطة التنفيذية وفق صلاحيات الدستورية لكل واحد منهما.

وعندها فقط يمكن القول ان حكومته ستصبح حكومة كل التونسيين، لا حكومة الرئيس الذي برز من خلال تركيبة الحكومة وتماهي شخص الفخفاخ معه، على انها فعلا حكومة قيس سعيد لا رئيس الحكومة.

ولكسب الرهانات والتحديات، على الفخفاخ ان ينصرف للتركيز على العمل الحكومي، من اجل استعادة ثقة الناس في الدولة واجهزتها، التي ضعفت كثيرا وان لا يجعل من القصبة منصة لتحقيق حلم او مشروع سياسي، مثلما حصل مع رئيس الحكومة المتخلي يوسف الشاهد.

اذ لاحظنا كيف تحولت مؤسسات الدولة الى فضاءات لتكوين حزب حاكم،  الأمر الذي كان له تأثير سلبي على اداء الحكومة وعلى الحياة السياسية عامة في البلاد.

وان كان خطاب طلب التكليف الذي تقدم به اليوم الفخفاخ ورد في شكل سردية انشائية، فانه مطالب بعد نيل الثقة بوضع خارطة طريق واضحة،  تحدد أولويات الحكومة و تكون محددة بالآجال والأرقام والمعطيات الدقيقة، بعيدا عن البرامج الفضفاضة التي لا تعدو ان تكون الا مجرد اعلان نوايا.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP