الجديد

حافظ قائد المعارضة  

محمد صالح مجيد
دون مفاجآت، نالت حكومة “يوسف الشٌاهد” ثقة البرلمان بعدد من الاصوات كان قد عمل على ضمانه، من خلال المشاورات والمناورات التي سبقت تشكيل هذه الحكومة.
لقد أدرك السبسي الأب بفطنته ودهائه ان قلب الفتى الذي راهن عليه وعقله قد مالا، وأنٌه لا سبيل لتعطيل ما عزم عليه مادام قد نجح في تجديد تحالفاته التي تضمن له العبور على صراط المجلس بثبات مهما عبس الرئيس وتولٌى.
فاختار ان يكون من “كاظمي الغيظ” وأن يعلن احترامه للدستور مستنكرا ما راج عن إمكانية رفضه قبول الوزراء الجدد لأداء القسم…لم يكن الرئيس في ندوته الصحفيٌة مرتاحا بل عبٌر صراحة عن انزعاجه مما أسماه تسرٌع رئيس الوزراء في إجراء التحوير الوزاري دون تعميق التشاور معه.
ولكن رغم المؤاخذة واللوم انحنى الرئيس لإكراهات الدستور وأبدى استعداده للتفاعل مع الحكومة الجديدة مادامت ستكتسب شرعيتها من البرلمان.. وفي الوقت الذي كان فيه السبسي الاب يستوعب اللحظة ويقرأ مآلاتها بعد ان قضي الأمر، كان “السبسي الابن” يواصل السير في الصحراء وحيدا إلا من بعض مَنْ لا يستطيع معارضته..
فالسبسي الابن كان وراء جبهة عارضت انعقاد جلسة عامة انتخابية تهيكل الحزب الحاكم وترسي مؤسساته حتى انفض أغلب المؤسسين من حوله وبقي وحيدا مديرا تنفيذيا لحزب يتفكك يوما بعد يوم .
وبعد ان دخل في صراع مع “الحبيب الصيد” حُسِمَ لصالحه بدعم من والده، وجاء بيوسف سرعان ما ناصب صديقه القديم العداء و سعى في عزله. لكنٌه فشل بل جعل من صديق الأمس وغريم اليوم زعيم تيٌار من النداء اعلن صراحة رفضه لمحاولة ابن الرئيس الهيمنة على الحزب.
وهكذا انتجت تونس خلطة سياسية سحرية عجيبة قضت بان يصبح الحزب الحاكم الذي اتى برئيس الوزراء في المعارضة بعد ان تآكل وفرٌط في كوادره. فهل من الحكمة تحوٌل حزب النداء إلى المعارضة في هذا الظرف بالذات؟ ألم يقتنع السبسي الابن بعد أنه لا يمكن ان يكون زعيما في غياب “كاريزما” التجميع والإقناع؟ الم  يتأكد هذا الذي جاء إلى عالم السياسة مؤخرا أن صفة “ابن الرئيس” لا تهب صاحبها زمام القيادة..؟
لينظر العقلاء إلى نتائج سياسة الانفراد بالرأي التي انتهجها ابن الرئيس ..لقد انفضٌ الرافد النقابي وفرٌ المؤسٌسون وخسر الحزب في الانتخابات الجزئية بألمانيا وخسر في البلدية ولم يعد له حضور في الجهات …
لقد امسى ابن الرئيس بعد حصول حكومة الشاهد على ثقة المجلس “قائد المعارضة”..لكنه سيكون قائدا بلا مركز قيادة بعد أن فرٌ الجميع وشرع اغلبهم في مغازلة الفارس الجديد المنتشي بانتصاره الثاني بعد ان نجح في عزل وزير الداخلية السابق رغم معارضة “السبسييْن”.
بالمحصلة نجح الشاهد حيث فشل السبسي الابن في معركة كسر العظام حتى لكأنٌ تونس تقرأ من جديد باب “الأسد والثور” من كتاب كليلة ودمنة ويبقى السؤال مَنْ قام بدور ” دمنة؟
التونسي يعرف أسد الانتصار الظرفي وثور الهزيمة الظرفي ودمنة المكيدة الدائمة ..ولكنٌه مشغول بالبحث عن حليب لأبنائه وعن خبز بدا يسابق الريح يطاله حينا ويعجز عنه أحيانا.
 

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP