الجديد

“كلنا تونس” على قناة “التاسعة” .. سقطة اعلامية في زمن الكورونا

هشام الحاجي

أثار برنامج “كلنا لتونس “، الذي نشطه علاء الشابي و بثته قناة “التاسعة ” ليلة الجمعة 27 مارس الجاري، ردود فعل شاجبة للبرنامج، الذي وقع في سقطات مهنية و أخلاقية، أقل ما يقال عنها أنها خطيرة في المطلق، و خاصة في سياق الظرف الدقيق، الذي تتنزل فيه و هو ظرف مقاومة وباء الكورونا.

هذا الظرف لا يمكن أن يتحول إلى مدعاة للحد من حرية الإعلام، و اجتهاد الإعلاميين و لكنه يفرض بحكم دقته الالتزام أكثر بالضوابط المهنية و بأخلاقياتها، و التي انتهكها علاء الشابي، الذي لا يبدو أنه مهنيا غير مخول لإدارة برنامج حواري جدي، و هو الذي “تخصص” في برامج “قاع الواقع الاجتماعي “.

و هو ما أثر على إدارته للحوار علاوة، على عدم التوازن في اختيار الضيوف، فحضر كل ما يخالف المهنية الصحفية والاعتداء على أخلاقيات المهنة، من ذلك الاعتداء على المعطيات الشخصية، و على الوضع النفسي للخاضعين للحجر الصحي، بمحاولة استجوابهم ثم بالتفاعل مع رفضهم بعقلية سوقية، تجلت في ترديد عبارة تنم عن قلة ذوق و انعدام الحد الأدنى من الحرفية.

ان “سقطة” علاء الشابي لا تقلل من جهد محمود يبذل في القنوات التونسية و يرتبط فيه البحث عن الإضافة و عن “افتكاك ” نسب المشاهدة بحرفية واضحة، كما يبرز في أداء أغلب المنشطين المختصين في ” الحوار التونسي ” و “حنبعل ” و “نسمة ” و “قرطاج +” والقناة الوطنية الأولى.

لكن الكورونا كشفتالليلة عن جزء من العورات التي يعاني منها الإعلام التونسي، و التي من أهمها خضوعه لما يمكن اعتباره بعملية اختطاف و وضع يد قام بها البعض، و جعلت الإعلام التلفزي يخضع لإرادة الدخلاء ممن استثمروا في القطاع، وكذلك عدد من المنشطين المعدودين على أصابع اليد الواحدة، و الذين ينتقلون دون خجل من تقديم البرامج التنشيطية إلى إدارة الحوارات في كل المجالات دون أدنى معرف أو اعداد.

هؤلاء يفتقد جلهم للثقافة العامة، التي تجعلهم قادرين على التفاعل الناجع، مع الوضع المستجد، و يزداد الوضع سوءا لأنهم اصبحوا ينظرون لأنفسهم كنجوم و كصناع رأي عام،  و هو ما يتصورون عن جهل وتعالي أنه “يمنحهم” حق التعالي على ضيوفهم، و محاولة تتففيهم بقطع النظر عن مستواهم العلمي و مكانتهم الاعتبارية.

سقط جزء كبير من إعلامنا التلفزي وحتى الاذاعي في فخ  البحث عن السبق عبر “البوز”، و المنخرط في حرب نسب المشاهدة ، التي لا تخلو من أوهام و خدع ، وهو هنا سقط أيضا في تبادل الأثر و التأثير مع شبكات مصالح ضيقة،  تتحكم في مسالك توزيع الثروة و توجيه القرار دون حسيب و لا رقيب.

وفي هذا السياق نشير الى أن “الهايكا ” قد تحولت إلى هيكل اجوف لا سلطة له، كما تراجع دور نقابة الصحفيين، في تعديل المضامين الاعلامية خاصة.

وهو ما سمح ببروز اعلام تلفزي هجين لا يخضع لأي قانون و ينتعش من حالة فراغ تشريعي، ساهمت الأحزاب في تكريسها، وهي التي يتسابق قياداتها على حضور برامج “البوز”.

هشام الحاجي [كل المقالات]

Comments

There are 2 comments for this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP