الجديد

في زمن الكورونا: يوم الأرض يمرّ بلا طعم

شعبان العبيدي

يوافق سنويا الثلاثين من شهر مارس الاحتفال بيوم الأرض، الّذي دأب الفلسطينيون في الدّاخل والخارج وكلّ أحرار العالم والشّعوب العربيّة المناصرة للقضية الفلسطينية باعتبارها قضيتها الرئيسية وجزء من مصيرها وتاريخها النّضالي، الاحتفال به، وذلك لتذكير العالم والقوى العظمى الّتي عملت على هضم حقّ الفلسطينيين في استعادة أرضهم وتاريخهم وحقوقهم الّتي سلبت منهم بالقوّة والمناورات و الصّفقات المشبوهة.

اعتاد الفلسطنيون الدّخول كلّ سنة في تحرّكات هي بمثابة مسيرات للعودة والّتي لم تهدأ طيلة السّنة الماضية في قطاع غزّة، ودفعت فيها القوى الثورية شهداء وأرواحا نتيجة الغطرسة الاستعمارية وعمليات القصف واستهداف أرواح المدنيين الأبرياء. مثلما يأتي الاحتفال بيوم الأرض كلّ سنة لمزيد رصّ الصّفوف وتذكير الشباب العربيّ والأجيال الجديدة الّتي لم تعايش حقائق ما تعرّض له الشعب الفلسطينيّ الأعزل من تشريد واعتداءات وتقتيل وتوسيع للمستوطنات الإسرائيلية على حساب افتكاك أراضي الفلسطينيين ومصادرتها وتهويد القدس. وهي ممارسات دأبت عليها القوى الاستعمارية المدعومة من الحكومات الغربية و الولايات المتحدة منذ ما بعد حرب 1948 .

وقد ابتدأت هذه التحرّكات الفلسطينية منذ 1976 وبعد صدور قانون المصادرة الأوّل الذي صودرت بموجبه أراض فلسطينية لعرب الدّاخل، وتوسّعت عمليات الاستيطان والتّهجير وافتكاك الأراضي وتدمير المنازل إلى اليوم أمام مرأى ومسمع من العالم. هذا إضافة إلى ما يتعرّض له الفلسطينيون بالضّفة والقطاع من تقتيل وقصف وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، أخرها الممارسات اللاإنسانية للشرطة الإسرائيلية في عدم إسعاف أحد المرضى على حافة الطريق، ورفض حكومة العدوّ إطلاق سراح السّجناء وعدم السّماح بتوفير ظروف مناسبة تحميهم من انتشار وباء كورونا بينهم بعد ما وردت أخبار عن إصابة بعضهم به.

يأتي يوم الأرض، وكان الفلسطينيون يستعدّون لإعطائه طابعا خاصا هذه السّنة، لأنّه يأتي في مرحلة فارقة من تاريخ نضال طويل على كلّ الواجهات، وليكون تنديدا بصفقة القرن الّتي وضعت فيها بعض القيادات العربيّة أيديها في أيدي الولايات المتحدة، لتساند مشروع اللّوبي الصهيوني-الأمريكي بقيادة الرّئيس الأمريكي ترمب من أجل الإجهاض نهائيا على هذه القضية وتهويد القدس وتحويلها تحت السّلطة الإسرائيلية الغازية لتكون عاصمة لها، وهو ما مثّل خيانة عظمى للفلسطينيين ومؤامرة كبرى وفضيحة تاريخية في وجه العرب والمسلمين. حين تصافح ساسة عرب مع العدوّ وقضوا على أمال  العودة واستعادة الحقوق المشروعة.

ولكنّ الشّعوب العربية ظلّت ثابتة على المبدأ، رافضة لهذه الخيانة معتبرة إيّاها مؤامرة فاشلة مثل غيرها من المؤامرات. وظلّ الشّعب الفلسطيني الأعزل   مؤمنا بحقوقه، ثابتا على النّضال ومواصلة الوقوف ضدّ كلّ المؤامرات.

يوم الأرض هذه السنة تم في أجواء خيّم عليها الحزن والموت على العالم بسبب انتشار وباء فيروس كوفيد 19 ، وعمّ العالم، ولم تسلم الأراضي الفلسطينية من هذا الوباء بعد أن طالها، وباتت توجّه حربها وجهودها نحو هذا العدوّ لحماية المواطنين وأرواحهم، و ليس من وسائل في مواجهة عدم تفشي هذا الوباء إلاّ الاستجابة لتوصيات منظمّة الصحّة العالمية من ضرورة فرض الحجر الصحيّ والتّباعد الاجتماعي وهو ما يستحيل معه الخروج في مظاهرات حاشدة ومسيرات شعبيّة تغنّي وتنشد وتردّد ” على هذه الأرض ما سيتحقّ الحياة”.

ومع ذلك فإنّ القادم بعد هذا الوباء الّذي هزّ طغاة العالم و روّع إمبراطوريات المال والتّقنيّة يحمل مع انزلاقات حركة صفائحه وتكتّلاته بشائر النّصر و استعادة القدس عاصمة عربيّة و استعادة الشّعب الفلسطينيّ الأبيّ لحقوقه كاملة.

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

^ TOP